عمر إبني 3 سنوات ونصف.
جربت كل الطرق كي يتخلص ابني من مص إصبعه ولكنها لم تجد نفعا. لماذا ما زال
يمص باصبعه وما العمل؟ أرجو مساعدتي سريعا لأنني قلقة عليه
سؤال: عمر إبني 3 سنوات ونصف. جربت كل الطرق كي يتخلص ابني من مص إصبعه ولكنها
لم تجد نفعا. لماذا ما زال يمص باصبعه وما العمل؟ أرجو مساعدتي سريعا لأنني
قلقة عليه.
الجواب: قلقك لا يساعد. المهم الآن هو علاج حالته بكثير من تفهم وثبات على أسلوب تربوي إيجابي.
لماذا المص بالاصبع؟ يتعرف المولود على محيطه بواسطة فمه وتسمى بالمرحلة الفمية. عند ملامسته
أي جسم لا بد له من أن يقرّبه إلى فمه ويحاول مصّه. فمه هو الوسيلة للتعرف
على الأشياء. لذا فقد سميت تلك المرحلة بالفمية.
بعد مرور بعض شهور تنبت له بعض الأسنان ولكنه ما زال يمارس عادة المص. بعض
الأمهات يرتحن لتعويده على المصاصة خوفا من أن يذهب لعادة مص اصبعه. يوجد
بعض أطفال يرتاحون على عادة مص الاصبع. عملية المص هي حاجة وأيضا وسيلة
متعة.
مص الاصبع أحيانا هو وسيلة للهروب من ضغوط يستخدمها كعملية تنفيسية وحاجة عاطفية.
في أية أوقات يحصل المص ولماذا؟ تكرار سلوك الطفل يعني بأنه قد أصبح عادة ثابتة. هناك عادات مستحبة يهتم
الأهل بتثبيتها مثل، غسل اليدين، استخدام ألفاظ لطيفة، تعاونه...
وهناك أنواع عادات غير مستحبه ولا يرغب الأهل بتكرارها فيطلبون وسيلة
للتخلص منها، مثل مص الإصبع. إذا نوى الأهل تخليص الطفل من عادة سلوكية غير
مستحبة فيلزم تعليمه سلوكا آخر بديلا عنها.
على الأهل مراقبة الطفل من غير أن يشعر، ليتفحصوا الأوقات والظروف التي
يلجأ بها لمص إصبعه. هدف مراقبته هو فهم دوافع سلوك المص التي منها: حالة
ملل وعدم انشغال، ضغوط عاطفية مثل، غيرة من أحد أفراد في العائلة، حالة
نعاس، تعب جسماني...
معرفة السبب يساعد الأهل للعمل على إبعاده أو تفاديه للتخلص من تلك
العادة. لا بد في مثل تلك الحالة من بدائل أنشطة متنوعة يلهو بها فتعمل على
تخليصه تدريجيا من تلك العادة فتختفي مع مرور الوقت وينساها.
هل التنبيه، النهي والتعنيف أساليب تزيد من نسبة تكرارها وتضر بتطوره؟ أسلوب التنبيه أو الإكراه على المنع بالتعنيف والتأنيب تزيد من أسباب ضغوط
الطفل وتجعله يزيد من اللجوء للمص فتتفاقم حالته. التنبيهات المتكررة
وعصبية الآباء الزائدة للمنع تعلّمه أساليب سلوك جديدة للتمسك بعادة المص
وذلك باللجوء لطرق ملتوية مثل الاختباء والتخفي، خوفا من رد فعلهم السلبي
والمؤذي لمشاعره.
بدل من أن يتعاونوا مع الطفل لتعليمه سلوكا بديلا ونافعا كي يحل محل عادة
مص الاصبع، تزداد انفعالاتهم السلبية وغضبهم عليه فتتراكم عناصر توتره وعدم
ارتياحه والتي بدورها تضاعف أسباب ضغوطه فيزداد تمسكه بعادة المص بدل
تركها والتخلي عنها.
هل دهن إصبعه بأطعمة منفرة تساعده على التخلص من العادة؟ الطفل يحتاج لمص إصبعه لأنه يسبب له اللذة وينسيه الضغوط. لقد أصبح هدف
المص هو لإشباع حاجة عاطفية وأيضا للشعور بالمتعة. عملية دهن إصبعه بأطعمة
منفرة هدفه الأساسي هو إرادة الأهل لمنعه وليس بدافع من إرادته. الطفل لا
يريد التوقف عن تلك العادة. فعملية دهن الاصبع بأطعمة منفرة تأخذ شكل
القصاص ومصدرها الآباء وذلك بهدف الإكراه. أسلوب القصاص عملية تربوية سلبية
تأثيرها ضاغط وضار. لقد عرفنا بأن اللجوء لعادة المص سببها الهروب من
الضغوط للجوء إلى متعة المص. فالمنع بالإكراه يزيد من متاعب الطفل وضغوطه.
علاج السلوك السلبي بسلوك سلبي آخر يمكن أن يؤدي لحالة من التأزم، تتبعها
عادة سلبية إضافية جديدة مثل، الكذب، مسح تلك الأطعمة، التخفي والمخادعة...
هل التنبيه الشرطي المربوط برغبة يساعده على التغلب على العادة؟ هنا يدخل عامل إرادة الطفل للتخلص من تلك العادة. أي مراقبته الذاتية لضبط
تلك العادة واستبدالها بدافع رغبة. أسلوب إيجابي نافع. الاشتراط الترغيبي
هو الدافع للطفل وذلك للتغلب على عادة غير مستحبة. نحن نعلم بأن كل سلوك
دافعه رغبة سوف يثير الطفل لضبط إردته لأجل الحصول على تلك الرغبة. فضبطه
الذاتي بالامتناع عن عادة المص مرتبط برغبة أكسبته قوة إرادة وقدرة على
الامتناع.
يتوجه الأب للطفل قائلا: إذا توقفت عن عملية المص (طيلة ساعات الصباح) سوف نذهب معا إلى... في ساعات بعد الظهرأو سوف أمنحك...
هل يلزم ربط الترغيب بفترة زمنية؟ بالطبع نعم. من الملاحظ هنا بأن الشرط لانتزاع العادة قد ارتبط بفترة
زمنية محددة. أي كي يستطيع الطفل حرمان نفسه من رغبة وذلك لاشباع رغبة
بديلة جديدة أخرى منافسة لها يلزم تحديد وقت بمقدوره الضبط والحرمان. لهذا
كان الاشتراط لفترة قصيرة ومحددة لا تتعدى الظهيرة، أي بضع ساعات. مثل هذا
الأسلوب يشجع الطفل على أن يشحن كل قدراته وإرادته للتنازل عن رغبة المص
لأجل رغبة منتظرة أقوى وأهم. كلما نجح الطفل في عبور فترة الاختبار كلما
ضعفت رغبته بالمص وحل محلها رغبة المنع التي تلازمها حالة من اللذة الجديدة
المنتظرة.
هل تلك هي الطريقة لاستبدال أي عادة غير مستحبة؟ يمكن أن نتعامل مع جميع أنواع العادات السلبية بطريقة الترغيب الشرطي. مثل
هذا الأسلوب يجعل الطفل يدخل في حالة من اليقظة كي يعمل على مراقبة سلوكه
بدافع إرادي، بانتظار اللذة الموعود فيها. من المهم هنا تنفيذ الوعد
المرغوب فيه لتشجيعه على الاستمرار والثبات.
يلزمه في الأسابيع الأولى من الاستبدال ولمساعدته على الثبات على الضبط
المزيد من الفعاليات التي تشغل يديه وتبعد عنه حالة الملل والفراغ. الأنشطة
الرياضية والفعاليات الحركية تساعده كثيرا على الضبط هذا عدا عن أهميتها
في تطوير شخصيته.