مروان أبو حجر نائب المدير
عدد المساهمات : 55 نقاط : 13779 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 03/06/2012 العمر : 58
| موضوع: العبادات في الإسلام الثلاثاء يونيو 12, 2012 7:43 pm | |
|
العبـــــادات في الإسلام
الأعمال في الإسلام
الأعمال في الإسلام تنقسم إلى نوعين رئيسين : أ- العبادات ، وهي الشعائر وفروض العبادة ، مثل الصلاة والزكاة والصوم والحج. ب- المعاملات : وتشمل كل أنشطة الحياة المتعلقة بالفرد أو الأسرة أو المجتمع أو الأمة الإسلامية ككل ، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو قضائية أو أخلاقية ... إقليمية أو عالمية. المعاملات حين تؤدي امتثالا لشرع الله تتحول إلى لون من العبادة بمعناها العام.
وأركان الإسلام العملية خمسة : وهي الشهادتان والصلاة والزكاة والصوم والحج.
الشهـــــــادتان 1- أن تشهد بلسانك ، وأنت مصدق بقلبك ، قائلا : * أَشْهَدُ أَن لا إِلهَ إلاَّ الله * وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله . معنى الشهادة الأولى: الإقرار الجازم ، والاعتقاد بوحدانية الله ، واستحقاقه دون غيره للعبادة والطاعة المطلقة في كل شيء . ومعنى الشهادة الثانية: الإقرار الجازم، والاعتقاد أن محمدا مرسل من عند الله ، جاءنا بكتاب من الله ، جاءنا بكتاب هو القرآن . وفي القرآن وسنة النبي (صلى الله عليه وسلم) منهج كامل للحياة .
العبادات في الإسلام العبادة في اللغة: أصل العبادة في اللغة: التذلل ومعنى العبادة في اللغة: الطاعة مع الخضوع. العبادة في الشرع: عبارة عما يجمع كمال الخضوع والمحبة، والخشية لله تعالى. يقول ابن تيمية رحمة الله"والعبادة: أصل معناها الذل. يقال طريق معبد، إذا كان مذللاً، قد وطئته الأقدام. لكن العبادة المأمور بها تتضمن معنى الذل، ومعنى الحب فهي تتضمن غاية الذل لله تعالى بغاية المحبة له . ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى:"العبادة: تجمع أصلين: غاية الحب بغاية الذل والخضوع، والعرب تقول: طريق معبد، أي مذلل والتعبد: التذلل والخضوع، فمن أحببته، ولم تكن خاضعا له لم تكن عابدا له، ومن خضعت له بلا محبة لم تكن عابدا له، حتى تكون محبا خاضعا" ويقول ابن كثير رحمه الله تعالى عند تفسيره لقوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} "والعبادة في اللغة: من الذلة. يقال طريق معبد أي: مذلل، وفي الشرع: عبارة عما يجمع كمال المحبة والخضوع، والخوف ومن هنا نستطيع أن ندرك أن العبادة التي قصد إليها الشارع، والتي تعلى الإنسان وتشرفه، وترفع من قدره ومكانته، وتجعله يحس بإنسانيته وكرامته، هي تلك التي تجمع بين الخضوع لله تعالى، والمحبة له، والخشية منه.
وكلما اكتملت هذه المعاني في عبد كان أقرب إلى ربه، وأكرم عليه من غيره، وأحق بالأمانة في الدين، وقيادة المتقين، والحديث عن رب العالمين.
وأساس الخضوع لله تعالى هو: الإحساس الصادق بهيبته وعظمته، وسلطانه وقدرته، وأنه المعطي المانع، الضار النَافع، المحيي المميت، الخافض الرافع، المعز المذل، السميع البصير، الغني عن كل ما سواه، والمحتاج إليه جميع ما عداه.
والإنسان يكون في قمة التواضع، إذا سجد لخالقه ومولاه، وقام بحق مَنْ خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره، وهو في ذلك يكون في أسمي حالات القرب، وأرجى أسباب القبول. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء"
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"العبادة اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة، فالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام والوفاء بالعهود، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد للكفار والمنافقين، والإحسان للجار واليتيم، والمسكين وابن السبيل، والمملوك من الآدميين والبهائم، والدعاء والذكر والقراءة، وأمثال ذلك من العبادة، وكذلك حب الله ورسوله، وخشيته والإنابة إليه، وإخلاص الدين له، والصبر لحكمه، والشكر لنعمه، والرضا بقضائه، والتوكل عليه، والرجاء لرحمته، والخوف من عذابه، وأمثال ذلك هي من العبادة، وذلك أن العبادة هي: الغاية المحبوبة والمرضية له
ومن هذا البيان الرائع، والتفصيل الممتع الذي ذكره الإمام ابن تيمية [12]، يظهر لنا أثر العبادات في الأفراد والجماعات، أما أثرها في الأفراد فتتمثل في تقويم أخلاقهم، وتزكية نفوسهم وتوجيههم الوجهة النافعة، وتصوغهم صياغة جديدة ترتكز على الصلة بالله، والتعرف إليه، وإبراز الخصائص العليا الكامنة فيهم، وتطهيرهم من الغرائز السفلى وفي سبيل تحقيق هذه الغاية أوصى الله عباده بالفضائل وحذرهم من الرذائل
وأثر العبادات في الجماعات،"ودعم روابطها وبناء علاقتها على أسس راسخة من العدل والإخاء والأهداف والإحسان. أثر واضح يتمثل في صياغتهم صياغة إنسانية كاملة بتأليف بناء قوي متماسك قائم على العدل والمساواة، والإحسان، والإيثار، والبر والرحمة، والتعاون على جلب الخير، ودفع الضرر، إن الجماعة التي ينشدها الإسلام هي الجماعة المتماسكة المترابطة التي تكونت من اللبنات الصالحة التي بدأت بالإخاء، ثم تجاوزته إلى الحب، ثم علت حتى صارت إلى الإيثار، ومن هنا ندرك أن الجماعة التي يريدها الإسلام لها سمات ومميزات
يقول الأستاذ سيد قطب في " في ظلال القرآن ":"فالصلاة صلة الفرد الضعيف الفاني بمصدر القوة والزاد، والزكاة صلة الجماعة بعضها ببعض والتأمين من الحاجة والفساد والاعتصام بالله، العروة الوثقى التي لا تنفصم بين المعبود والعباد" "إن طبيعة المؤمن، هي طبيعة الأمة المؤمنة، طبيعة الوحدة، وطبيعة التكافل، وطبيعة التضامن، ولكنه التضامن في تحقيق الخير ودفع الشر {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} وتحقيق الخير ودفع الشر يحتاج إلى الولاية والتضامن والتعاون، ومن هنا تقف الأمة الواحدة صفا واحدا لا تدخل بينها عوامل الفرقة وحيثما وجدت الفرقة في الجماعة المؤمنة فثمة ولابد عنصر غريب عن طبيعتها، وعن عقيدتها هو الذي يدخل بالفرقة ثمة غرض أو مرض يمنع السمة الأولى ويدفعها. السمة التي يقررها العليم الخبير {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض} يتجهون بهذه الولاية إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإعلاء كلمة الله، وتحقيق الوصاية لهذه الأمة في الأرض {وَيُقِيمُونَ الصَّلاة} التي تربطهم بالله، {وَيُؤْتُونَ الزَّكَاة} الفريضة التي تربط بين الجماعة المسلمة، وتحقق الصورة المادية والروحية للولاية والتضامن. {وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَه} فلا يكون لهم هوى غير أمر الله وأمر رسوله ولا يكون لهم دستور إلا شريعة الله ورسوله، ولا يكون لهم منهج إلا دين الله ورسوله، ولا يكون لهم الخيرة إذا قضى الله ورسوله. وبذلك يوحدون نهجهم، ويوحدون هدفهم، ويوحدون طريقتهم، فلا تتفرق بهم السبل عن الطريق الواحد الواصل المستقيم {أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ} والرحمة لا تكون في الآخرة وحدها إنما تكون في هذه الأرض أولا، ورحمة الله تشمل الفرد الذي ينهض بتكاليف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وتشمل الجماعة المكونة من أمثال هذا الفرد الصالح، رحمة الله في اطمئنان القلب وفي الاتصال بالله، وفي الرعاية والحماية من الفتن والأحداث ورحمة الله في صلاح الجماعة، وتعاونها، وتضامنها، واطمئنان كل فرد للحياة، واطمئنانه لرضاء الله"أه. فالعبادات في الإسلام ليست مقصورة على الصلاة وحدها أو أداء الزكاة أو فريضة الصيام أو الحج، وإنما تمتاز العبادات في الإسلام بشمولها، فهي تشمل كل قول أو عمل أو سلوك يرضي الله، مشيرا إلى أن "قراءة القرآن عبادة، ومطالعة أحاديث النبي بهدف التفقه في الدين عبادة لله، وعندما يقضي المسلم جانبا من وقته في طلب العلم الدنيوي والتمكن في تخصص بهدف خدمة المسلم فإنه يكون في عبادة لله".بل إن الإسلام يعتبر كل عمل مفيد - إن كان صادراً بدافع إلهي طاهر - عبادة لله. ولذلك فإنه يعتبر طلب العلم عبادة ، وطلب الحلال عبادة ، والخدمات الاجتماعية عبادة .
اهمية العبادات في الاسلام جاء في التعاليم الإسلامية، إن لكل ذنب أثراً مظلماً على القلب، تقل به رغبة المذنب إلى الخيرات والأعمال الصالحة، وتكثر فيه الرغبة إلى الذنوب. وإن للعبادة وذكر الله أثره في تربية الوجدان الديني للإنسان، فتكثر فيه الرغبة إلى الخيرات والعمل الصالح، وتقل فيه الرغبة إلى الشر والفساد والذنوب. يعني أن العبادة تزيل الظلمات والكدورات الحاصلة من الذنوب وتبدلها بالميل إلى الخير والبر والعمل الصالح.
وبعد هذا العرض المجمل عن أثر العبادات في إصلاح الأفراد والجماعات وعن مدى النتائج الحتمية لذلك وهو التعاون والتراحم والتضامن والتلاحم الذي تكون به قوتهم وعزتهم وسعادتهم في الدارين. والآن نتحدث عن العبادات وأثرها في الافراد والجماعات وجمع كلمة المسلمين.
العبادات في الاسلام
الصـــــلاة تصلي كل يوم خمس صلوات . صلاة الفجر ركعتان ،ووقتها بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس . وصلاة الظهر أربع ركعات،ووقتها من زوال الشمس إلى منتصف ما بين الزوال و المغرب . وصلاة العصر أربع ركعات ،ووقتها من انتهاء وقت صلاة الظهر إلى غروب الشمس . وصلاة المغرب ثلاث ركعات ،ووقتها من غروب الشمس إلى غروب الشفق (بعد المغرب بساعة وربع تقريبا). صلاة العشاء أربع ركعات ،ووقتها المفضل من انتهاء وقت صلاة المغرب إلى منتصف الليل ، ويمكن أن يمتد حتى طلوع الفجر .
الطهـــــــارة يجب على المسلم أن يكون طاهرا ونظيفا عندما يصلي. الطهارة نوعان : الوضوء (الطهارة الصغرى) والغسل (الطهارة الكبرى) . أ- الوضوء (الطهارة الصغرى) . يُفعل على النحو التالي : تنوي الوضوء . وتقول : "بسم الله الرحمن الرحيم". اغسل بالماء الطهور يديك إلى الرسغين ، وتمضمض واستنشق بالماء واستنثر به لتنظيف داخل الأنف. اغسل وجهك. اغسل يديك إلى المرفقين (مبتدئا باليد اليمنى). امسح رأسك بيديك المبتلتين بالماء ، وكذلك أذنيك. اغسل رجليك إلى الكعبين (مبتدئا بالرجل اليمنى). إذا توضأت أول مرة فلا يجب أن تتوضأ مرة أخرى إلا إذا انتقض وضوؤك. ينتقض الوضوء بسبب غائط أو بول أو ريح أو نوم. ب- الغُسْل (الطهارة الكبرى) : يغتسل المسلم كلما حصل منه : خروج المني بسبب طبيعي . الجماع . انقطاع الحيض من المرأة . انتهاء النفاس منها كذلك . الاغتسال يكون بالماء الطاهر مع تعميمه على جميع البدن . - التيمم (الطهارة الجافة) : نتيمم في حالة عدم وجود الماء للوضوء أو للغسل ، أو عدم القدرة على استعماله بسبب المرض أو لأي سبب. نتيمم بضرب الكفين على الأرض الطاهرة . ثم تمسح بهما وجهك مرة واحدة .وكذلك كفيك (بادئا بالكف اليمنى).
كيف تؤدي الصلاة الأفضل أن تصلي في الجماعة مع المسلمين في المسجد، سوف تنال جزاء أفضل . وسوف تتعلم بسهولة كيف تصلي كما يصلُّون . في حالة الصلاة وحدك ، اتبع الخطوات التالية : تأكد من طهارة جسمك وثوبك ومكان صلاتك. توجه إلى القبلة وهي جهة المسجد الحرام بمكة المكرمة في الحجاز . ارفع يديك بحذاء كتفيك وقل : (اللهُ أَكْبَر) . ضع يديك على صدرك :اليمنى فوق اليسرى . اقرأ سورة الفاتحة (انظر الملحق لتحفظ الفاتحة). اركع بأن تنحني إلى الأمام قائلا : (اللهُ أَكْبَر) ، ويكون ظهرك مستقيما ، ويداك قابضتان على ركبتيك . تقول في ركوعك : (سُبْحانَ رَبَّيَ العَظِيم) ثلاث مرات . ثم ترفع رأسك قائلا : ( سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَه ، رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْد) . ثم تُكَبِّر ، وتخر ساجدا جاعلا جبهتك وكفيك وركبتيك وأصابع رجليك على الأرض. وتقول في سجودك ثلاث مرات : (سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى) . ثم تكبر وتجلس :وتقول في جلوسك مرة واحدة : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي) ثم تكبر وتسجد مرة ثانية وتقول ثلاثا : (سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى) . بعد إتمام السجدة الثانية تكون قد أتممت ركعة . تقوم بعدها قائلا : (اللهُ أَكْبَر) . ثم تقوم وتصلي ركعة ثانية كالأولى تماماً . وبعد انتهاء الركعة الثانية تجلس وتقرأ (التشهد) و(الصلاة الإبراهيمية). ثم تسلم عن يمينك قائلا : (السلام عليكم ورحمة الله) . ثم تسلم عن يسارك قائلا : (السلام عليكم ورحمة الله) . هكذا تصلي صلاة الصبح ، لأنها ركعتان فقط . وفي صلاة الظهر تقوم فيما بعد التشهد ،ومن غير أن تقول الصلاة الإبراهيمية تصلي ركعتين أخريين . ثم تأتي بالتشهد ثم الصلاة الإبراهيمية ،ثم السلام . ومثل صلاة الظهر تماما ، صلاة العصر ، وصلاة العشاء . أما صلاة المغرب فهي ثلاث ركعات ، ولذلك تصلي بعد التشهد الأول ركعة واحدة فقط .
لماذا نصلى : يصلي المسلم تعبدا لله تعالى ، فالصلاة من أعظم العبادات التي يحبها الله من الناس .وشكرا له على أن خلقنا في أحسن تقويم.وهدانا إلى دين الإسلام.ولكي يناجى المسلم ربه في الصلاة بكلام الله وهو القرآن. ولكي يذكر ربه فلا ينساه ، ولا ينسى أوامره في زحمة الحياة.ولكي يدعو الله تعالى ، ويسأله العون والتوفيق والهداية الدائمة في ظلمات الحياة. ولكي تقوى محبة الله وخشيته في قلب المصلى ، فيبقى مستقيما في سلوكه على دين الإسلام وشرائعه وآدابه. ولكي تكون صلاته حسنات يُكَفِّر الله بها عنه السيئات.ويلقى ربه يوم القيامة ، فيفرح بما أعد الله له من حسن الجزاء في جنات النعيم. الصلاة برنامج تدريب وترقية يحقق للمسلمين - إن أُحْسِنَ أداؤه - فوائد عظيمة : جسمانية وأخلاقية وروحية ، مثل النظافة والنظام والصحة والانضباط والأخوة والمساواة والترابط الاجتماعي ... إلخ.
الزكـــــاة مصطلح الزكاة في أصله يعني النمو والطهارة. وفي الإسلام يعني أن تدفع نسبة معينة من مُدَّخراتك كل سنة قمرية في أمور خيرية حددها القرآن. إذا توفر عندك ، لسنة قمرية كاملة ، مال نقدي لا يقل عن قيمة (85) جراما من الذهب الخالص (وهي الآن تقريبا = 1000 دولار أمريكي) فعليك أن تخرج منه الزكاة بنسبة 2.5 %. يعطى مبلغ الزكاة هذا للفقراء والمساكين من المسلمين ، ويعطى لأبناء السبيل أو الدعوة والجهاد في سبيل الله ، أو يعطى لمن يطمع في دخولهم في الإسلام تشجيعا لهم ، أو لمن وقعوا تحت الديون فغلبتهم ولم يقدروا على السداد. وكذلك إن كان لديك بضائع تجارية حال عليها الحول فإنك تزكيها بعد تقدير قيمتها بنفس النسبة. ويمكنك أن تسأل أحد العلماء أو الرجوع إلى الكتب المختصة للتعرف على الأموال الزكوية الأخرى ومقدار ما يجب فيها.
لماذا نزكي ؟ نزكي تعبدا لله ، لأن الله أمرنا بذلك ، وهو يحب المتصدقين .ولكي نشكر الله تعالى على أن أمدنا بالأموال ، ووفقنا لاكتسابها .ولكي نبذل المال في إسعاد الفقراء والمساكين ، ونفرج عن المكروبين. ونساهم في إصلاح مجتمعنا المسلم. وليكون لنا مشاركة في نشر دعوة الإسلام في العالم. ونزكي لكي نطهر نفوسنا من أمراض البخل والشح والحرص. فنكون لأموالنا سادة ، ولا نكون لها عبيدا.ونزكي لكي نطهر أموالنا من سوء التصرف عندما اكتسبناها. فيحفظها الله ويبارك لنا فيها. ونزكي لكي يأجرنا الله على ذلك خيراً منها في الآخرة. ولكي نحمي المحتاجين منا من الوقوع في الحسد والحقد.ولنحمي مجتمعنا من صراع الطبقات ونساهم في حل معضلة الاقتصاد. يمكنك أن تدفع زكاتك إلى بيت الزكاة ، أو أي جمعية إسلامية موثوقة تتولى جمع الزكاة وصرفها في أبوابها الشرعية.
الصـــــوم إذا جاء شهر رمضان (وهو الشهر التاسع في السنة القمرية الإسلامية) يصوم المسلمون أيام هذا الشهر كلها طاعة الله تعالى ، وشكرا له على إنزاله كتابه المجيد (القرآن الكريم) في شهر رمضان. والصوم أن تمتنع عن الطعام والشراب والجماع ، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. ومن كان مريضا في بعض أيام رمضان ، أو مسافرا ، يجوز له أن يفطر. وإذا افطر المريض أو المسافر فإنه يصوم أياما أخرى بعدد الأيام التي أفطرها. وإذا انتهى رمضان جاء يوم عيد الفطر في اليوم الأول من شوال ، الشهر التالي لرمضان. وفي صباح يوم عيد الفطر يؤدي المسلمون صلاة العيد ، جماعة ، في الخلاء أو المساجد ، شكرا لله على توفيقه إياهم لأداء الصيام. يقول الله تعالى في شأن هذه العبادة المهمة يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ((سورة البقرة : 183) ويقول أيضا شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ((سورة البقرة : 185)
لماذا نصوم رمضان : نصوم رمضان طاعة لأمر الله تعالى ، والله قد أمرنا بذلك لأنه يحب الصائمين. ونصوم شكرا له على أنه أنزل القرآن في رمضان هداية لنا وللبشر. وعلى أنه اختارنا لنكون من المؤمنين بالقرآن. ووفقنا لحفظ القرآن وقراءته وفهمه والاهتداء بآياته. ونصوم لكي نسيطر على شهوة الطعام والشراب التي ركبها الله في أبداننا. ولكي نتدرب على ترك المحرمات من الأطعمة والأشربة والأموال طاعة لأمر الله. ونصوم لكي نتذكر الضعفاء والمساكين الذين يجوعون كثيرا ، ويجوع أولادهم ، فنتصدق عليهم ببعض ما أنعم الله به علينا. ونصوم لكي نتفرغ عن الانشغال بالشهوات ، فنزيد من العناية بأرواحنا ، عن طريق الاجتهاد في أعمال العبادة في شهر القرآن. ليزداد نصيبنا من الإخلاص لله ، والمراقبة والصبر والطاعة له ، بالإضافة إلى المنافع الصحية. فيكون أجر ذلك مُدَّخَرا لنا عند الله يجزينا به يوم القيامة.
الحـــــج الحج رحلة إلى الكعبة – بيت الله الحرام – في مكة ، بقصد تنفيذ أمر الله ، وأداء شعائر معينة هناك (لمعرفة التفاصيل راجع أيا من المراجع الإسلامية عن الموضوع) . الحج واجب – مرة واحدة في العمر – على كل مسلم بالغ يملك القدرة (البدنية والمالية) . رحلة الحج ، وما بها من مناسك ، تؤكد ، بصورة فريدة مبادئ الإسلام وتحيي المعالم الإسلامية التي كان عليها أنبياء الله إبراهيم وإسماعيل ومحمد عليهم السلام. تؤدَّى مناسك الحج بعامة في النصف الأول من شهر ذي الحجة (الشهر الثاني عشر من السنة الهجرية) . في اليوم التاسع من ذي الحجة يؤدَّى أعظم مناسك الحج ، وهو الوقوف عند جبل عرفات ، حيث يجتمع جميع الحجاج ، الذين يصلون أحيانا إلى أكثر من مليونين. وقوف الحجاج بعرفات قد شُرِع ليبتهلوا إلى ربهم ، ويعلنوا توبتهم إليه ،وطمعهم في رحمته وغفرانه.وهذا يذكرنا بالاجتماع الأكبر يوم القيامة. في اليوم التالي (العاشر) يكون العيد الأكبر ، عيد التضحية ، وفيه يذبح الحجاج أضحياتهم . وبعد الذبح يذهبون إلى مكة فيطوفون حول الكعبة سبع مرات. يقوم المسلمون وفي كل مكان في هذا العيد بذبح الأضحيات (من الإبل والبقر والغنم) بعد أداء صلاة العيد. الأضاحي شرعت إحياء لذكرى التضحية الكبرى لنبي الله إبراهيم (عليه السلام) حين كان على وشك أن يذبح إسماعيل ابنه الوحيد والحبيب ، وذلك عندما أمره الله بذلك اختبارا لإخلاصه وطاعته. وإذا حججت وانتهيت من أعمال الحج ، يمكنك أن تزور المسجد النبوي بالمدينة المنورة ، وتصلى فيه لان أجر الصلاة فيه عظيم. وإذا كنت بالمدينة المنورة تزور قبر النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وقبور الصحابة الكرام ، الزيارة المشروعة ،وتسلم عليهم. وكذلك زيارة المسجد الأقصى بالقدس مستحبة في الإسلام . نسأل الله أن يعين المسلمين لاستنقاذه من أيدي المعتدين اليهود الآثمة.
لماذا نحج : نحج طاعة لأمر الله تعالى لأنه أمرنا بذلك. وشكرا له على نعمة الصحة والعافية والمال والأولاد. ونحج تعظيما لله بالطواف حول الكعبة ، وبيت الله المطهر. الكعبة هي أول بيت بني في الأرض لعبادة الله ، بناه إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل بأمر الله. ونحج لكي نصلي عند الكعبة ، التي هي قبلة المسلمين في جميع الأقطار. ولكي نقف بعرفات والمشاعر المعظمة ، فنذكر الله هناك ، ونطهر نفوسنا ، فنتوب من جميع الذنوب. ونحج لكي نرى المواضع التي أقام بها إبراهيم خليل الله ونبيه الكريم ، وأقام نبي الله إسماعيل ، وعَبَدا الله فيها . ونحج لكي نرى الأرض المقدسة التي ولد بها نبي الهدى محمد (صلى الله عليه وسلم) ونشأ وأوحي إليه ، وتحمل الأذى ، وجاهد في سبيل نشر نور الله. ونحج لكي نلتقي بالمسلمين القادمين من أرجاء الأرض ، ونرى تحقق الأخوة والمساواة والتعاون والحب بين المسلمين ، من غير نظر إلى ما بينهم من فروق في الجنسية واللون ومستوى المعيشة وغيرها من الاعتبارات الدنيوية ، هناك نشهد عالمية الإسلام. ولكي نمارس أخلاق الصبر والتضحية والتحمل والبساطة ، وغيرها من الممارسات الروحية ، التي نحن في أمَسِّ الحاجة إليها. ونحج لكي نتطهر من ذنوبنا ، فنرجع من الحج بلا ذنوب ، ونبدأ حياتنا بيضاء نقية ، آملين أن نحافظ على نقائها إلى أن نلاقى الله ، فنكون من أهل كرامته في دار الخلود.
كيف تنمي إسلامك إذا أعلنت إسلامك عن اقتناع فإنك تفتح صفحة بيضاء في سجل أعمالك. أما ما مضى قبل ذلك من الأعمال السيئة فإن الله يغفره لك بإسلامك. إنك إذا أسلمت تكون كأنك قد ولدت في الإسلام من جديد. وعليك أن تنمو في الإسلام وتكبر فيه ، فكيف ذلك ؟
أولا : تزيد معرفتك بالإسلام : بأن تقرأ القرآن. وتقرأ شيئا من تفسير القرآن. وتقرأ الأحاديث النبوية التي وردت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) وتقرأ عن سيرة النبي (صلى الله عليه وسلم) وتقرأ عن سير عظماء الإسلام وسلفنا الصالحين ، الذين نشروا دين الإسلام ، وبلغوه إلى العالمين. وأن تحضر صلاة الجمعة ، لتستمع إلى خطبة الجمعة ، ولتصلي مع المسلمين. وأن تحضر صلاة العيدين ، وتسمع الخطبة. وأن تصلى في المساجد الإسلامية الصلوات الخمس عندما لا يكون في ذلك مشقة عليك. وتحضر الدروس الدينية. حاول أن تتصل بمن تستطيع من العلماء وأئمة المساجد والمدرسين الدينين ، وأن تعرِّفهم بنفسك ، وتسألهم عما لا تعرفه من أمور الدين ، وسيكون الذي تسأله مسرورا بأن يوضح لك ما تسأل عنه. حاول أن تتخذ لك صديقا مُرْشِداً من المسلمين ممن لديهم علم بدينهم ، ليوضح لك ما قد يخفى عليك من الأمور الدينية. اقرأ ما استطعت من مصادر الإسلام الأساسية (القرآن والسنة) ومن الكتب الموثوق بها عن الإسلام لتزداد فهما له. ستتعلم الكثير عن أحكام الإسلام وأنظمته في العبادات ، وأحكام الأسرة ، والمعاملات ، والآداب ، والاقتصاد ،والشئون العامة. وتَعْلَم منهج الإسلام ونظرته إلى الخَلْق والكون والإنسان والحياة. فليس الإسلام دينا فحسب ، وإنما هو أيضا نظام مجتمع ، ودستور دولة ، ومنهج حياة.
ثانيا : الإكثار من الأعمال الصالحة : حاول أن تعمل أعمالا صالحة زيادة على الأعمال الخمسة التي ذكرتها لك سابقا. صَلِّ ركعات زائدة على الصلوات الخمس. أو ساعد الفقراء والمحتاجين بمبالغ زيادة على الزكاة ، أو ساعدهم في تدبير أمورهم الضرورية التي لا يقدرون عليها. أو صم أياما زيادة على رمضان. أو اشترك في مشروعات اجتماعية نافعة بغرض إصلاح المجتمع الإسلامي. أو ادع صديقا لك إلى أن يدخل في الإسلام.
كيف تحافظ على إسلامك إذا دخلت في الإسلام فإنك تكون قد أحرزت لنفسك خيرا كثيرا. انك تكون كمن حصل على كنز من الكنوز. ان من وجَدَ كنزا سيصبح له أعداء كثيرون ، يحاولون أن يسرقوا كنزه. فكذلك أنت حصلت على كنز الإسلام. سوف يحاول بعض الناس أن يصدوك عن دينك الجديد. وهؤلاء هم أعداء الله. وأعداء الله هم شياطين من الجن وشياطين من الإنس. فأما شياطين الإنس ، فإنهم يحاولون السخرية منك. أو يحاولون إغراءك بالمال لترجع عن دينك. ويقولون لك: في دين الإسلام كذا وكذا ، ويذكرون شبهات يلقونها إليك . 11- فاعلم أن الله قال في القرآن : )وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا( (سورة الفرقان : 23) فاسأل علماء الإسلام عما أوحاه الله في القرآن في جواب تلك الشبهات. وأما شياطين الجن فإنهم يوسوسون في صدرك قائلين لك : أتترك دينك ودين آبائك وأجدادك وتتبع دينا آخر ؟ أتتبع دينا يكلفك بالصلاة والصوم وإخراج المال ؟ ويحرمك من شرب الخمر ومن كذا وكذا ؟ فاعلم أن كل إنسان يجد نفسه على دين والديه ، وينشأ على تقديس دينه. أهل الحق وأهل الباطل كلهم كذلك. لكن المشكلة هي : أي تلك الأديان هو الحق؟ وأيها هو الباطل ؟ إن دين الإسلام هو الدين الخالص من جميع الخرافات والشرك والوثنية. إنه دين التوحيد الخالص. فاقرأ عندما تحس بوسوسة شياطين الجن : )وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ(( سورة المؤمنون 97-98) واقرأ أيضا سورة الفلق وسورة الناس
يتبع.
| |
|
مروان أبو حجر نائب المدير
عدد المساهمات : 55 نقاط : 13779 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 03/06/2012 العمر : 58
| موضوع: رد: العبادات في الإسلام الثلاثاء يونيو 12, 2012 7:45 pm | |
|
المحـرمــــــات إن الله تعالى شرع لنا في القرآن والسنة النبوية أحكاما كثيرة. منها الواجبات ، ومنها المحرمات. أما الواجبات فقد بينت لك كثيرا منها فيما تقدم. وأما المحرمات فمن أهمها ما يلي : أولا - الأطعمة المحرمة : الميتات : وهي الحيوانات البرية الميتة ، سواء مات حتف أنفه – أي بدون ذبح أو مات مخنوقا ، أو تَرَدَّى من مكان مرتفع فمات ، أو أكل السبع منه فمات بذلك ، قبل أن تلحقه الذكاة ( الذكاة أسلوب الذبح الإسلامي بإسالة دم الذبيحة) . ومن الميتة ما ذبحه الكفار من غير النصارى واليهود. أما لحوم الحيوانات البحرية فلا تحرم بالموت. الدم المسفوح. لحم الخنزير. ما ذكر عليه عند الذبح اسم غير الله ، أو ذبح لتعظيم غير الله. لحوم الحيوانات المفترسة كالأسود ، ولحوم الطيور المفترسة بمخالبها كالصقور. لحوم الحمير الأهلية. لحوم الحيوانات التي تتغذى بالنجاسات ، إلا إذا حبست على الطعام الطاهر مدة كافية. أي طعام أصابته النجاسة ، وهي القاذورات ، حتى يغسل بالماء إن أمكن. الخمر وسائر المسكرات والمخدرات. الأطعمة التي فيها خطورة على الجسم كالسموم. ثانيا : الأعمال المحرمة : وهي أعمال يكرهها الله ويبغض فاعليها ويعاقبهم عليها . الشرك بالله. عقوق الوالدين . شهادة الزور . قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق . الزنا . السرقة . أكل أموال اليتامى . الهرب من المعركة ضد الكفار . القذف بالفاحشة للمرأة المؤمنة العفيفة ، أو الرجل المؤمن العفيف . كشف العورة أمام الناس إلا للعلاج. كلمة العورة مصطلح إسلامي معناه أجزاء معينة من جسم الرجل أو المرأة يجب ألا تكشف . أكل أموال الناس بالباطل ، بالرشوة أو النهب أو الخديعة أو الغش. تقديم الرشوة لأكل أموال الناس بالباطل أو لأجل الحصول على ما ليس حقا لك. الزواج بالأم أو البنت أو الأخت أو العمة أو الخالة ، أو بنت الأخ أو بنت الأخت من نسب أو رضاع ، أو زوجة الأب أو أم الزوجة أو بنتها. لا يتزوج الرجل المسلم امرأة كافرة ، إلا نصرانية أو يهودية ، ما لم تعتنق الإسلام. لا تتزوج المرأة المسلمة رجلا كافرا ولو كان نصرانيا أو يهوديا ما لم يعتنق الإسلام.
أولياء الله
أولياء جمع وَلِيّ اصطلاح إسلامي ذو معنى محدد ، يعني المسلم الذي كرس نفسه في إخلاص لأمر الله في أشمل معانيه وأعمقها . لكن هذا المصطلح قد تشوه عند بعض المسلمين ، ممن تأثروا بتصورات دخيلة وغير إسلامية . فصاروا يعنون به الشخص المتصوف الغريب الأطوار الذي يدعي القدرة على الإتيان بالخوارق . وعلى هذا النحو فهم علماء الإسلاميات من الغربيين إن الأولياء يشبهون القديسين في المسيحية ، وهو ما لا أساس له من الصحة . أولياء الله هم أحبابه الذين يحبهم ويحبونه. وهم كل إنسان صالح آمن بالله وسار حسب أوامره. وجزاؤهم الحياة الطيبة في الدنيا ، وجوار الله في الآخرة في دار كرامته. وهم لا يستطيعون أن ينفعوا بعد موتهم أحدا بشيء ، ولا في حياتهم إلا من خلال الأسباب العادية. وفيهم قال الله تعالى : )أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ ءَامَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ( (سورة يونس : 62-64) فكن مسلما صالحا تكن واحدا منهم. قال الله تعالى : )وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا( (سورة النساء : 69) ومن أولياء الله أنبياؤه الكرام. ومنهم أصحاب الأنبياء الذين آمنوا بالأنبياء إيمانا صادقا . ومنهم أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) وزوجاته وأمهات المؤمنين .وخير أصحابه هم العشرة المبشرون بالجنة بأسمائهم . هؤلاء الصحابة المختارون متميزون ومعروفون بسبقهم وثباتهم وتضحياتهم في الإسلام. يأتي في مقدمة هؤلاء العشرة الخلفاء الراشدون الأربعة الذين اختارهم المسلمون حكاما لدولة الإسلام بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وهم (حسب ترتيبهم في الأفضلية وترتيبهم في الخلافة) : 1- أبو بكر الصديق ( توفي 13 هـ) 2- عمر بن الخطاب ( توفي 23 هـ) 3- عثمان بن عفان (توفي 35 هـ) 4- علي بن أبى طالب ( توفي 40 هـ) وبقية العشرة هم : الزبير بن العوام – وسعد بن أبى وقاص – وطلحة بن عبيد الله – وعبد الرحمن بن عوف – وأبوعبيدة بن الجراح – وسعيد بن زيد (رضي الله عنهم وعن سائر الصحابة) .
أخلاق إسلامية وآداب شرعية 1- المسلم صدوق لا يكذب. 2- المسلم وفيًّ لا يغدر ، أمين لا يخون. 3- المسلم لا يغتاب أخاه المسلم. 4- المسلم شجاع لا يجبن. 5- المسلم صبور في مواطن الحق ، جريء في قول الحق. 6- المسلم ينصف الناس من نفسه ، فلا يظلم حق أحد ، ولا يقبل أن يظلمه أحد ، وهو عزيز لا يقبل أن يذله أحد. 7- المسلم يستشير في أموره ويتوكل على الله. 8- المسلم يتقن عمله. 9- المسلم متواضع رحيم ، يأمر بالخير ويفعله ، وينهى عن الشر ولا يفعله. 10- المسلم يجاهد لإعلاء كلمة الله ، ويدعو لإظهار دين الله. 11- المرأة المسلمة تلبس أمام غير أقاربها ملابس شرعية ، وهي تغطي كل جسمها ما عدا الوجه والكفين.
أذكار وأدعية 1- إذا أردت أن تأكل وتشرب فقل (بِسْمِ الله) 2- وتناول الطعام بيدك اليمنى وليس باليسرى. 3- وإذا انتهيت من الأكل أو الشرب فقل (الحَمْدُ لله). 4- إذا لاقيت أخاك المسلم فصافحه ، وتبسم له ، وقل (السَّلامُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُه) . 5- وإن سلم عليك أخوك المسلم فقل (وَعَلَيْكُمُ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُه). 6- إذا طلع النهار أو جاء المساء فقل (أَصْبَحْنا - أو أَمْسَيْنا - عَلَى فِطْرَةِ الإِسْلام، وَكَلِمَةِ الإِخْلاص ، وَدينِ نَبِيِّنا مُحَمَّد ، وَمِلَّةْ أَبِينا إِبْراهِيمَ ، حَنِيفاً مُسْلِماً وَما أَنا مِنَ المُشْرِكِين). 7- وإذا طلع الهلال الجديد فقل (هِلالُ خَيْرٍ وَرُشْد ، اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنا بِاليُمْنِ وَالإِيمان ، وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلام). 8- إذا عُدْتَ مريضا فقل : (بِسْمِ الله ، اللَّهُمَّ اذْهِبِ البَأْس ، رَبَّ النَّاس ، اللَّهُمَّ اشْفِ وَأَنْتِ الشَّافِي ، لا شِفاءَ إِلاَّ شِفاؤُكَ ، شِفاءً لا يُغادِرُ سَقَماً). 9- إذا دخلت المسجد فقل : (بِسْمِ الله ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ الله ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي ، وَافْتَحْ لِي أَبْوابَ رَحْمَتِك) . 10- وإذا خرجت من المسجد تقول مثل ذلك إلا أنك تقول : (وَافْتَحْ لِي أَبْوابَ فَضْلِك) . 11- إذا أويت إلى بيتك فقل : ( الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَطْعَمَنا وَسَقانا وَآوانا ، فَكَمْ مِمَّنْ لا كافِيَ لَهُ وَلا مُؤْوِي) . 12- وفي كل مناسبة أكثر من الباقيات الصالحات ، وهي أن تقول : سُبْحانَ الله وَالحَمْدُ لله وَلا إِلهَ إِلاَّ الله وَاللهُ أَكْبَر وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إَلاَّ بِالله . 13- وكذلك أكثر من الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وخاصة إذا سمعت اسمه ، أو نطقت به ، فتقول: (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) .
---- العبادات وأثرها في إصلاح القلوب وتهذيب النفوس
إن الإسلام قد فرض على الناس عبادات لها أثر حسن في إصلاح القلوب وتهذيب النفوس وسنشير في هذه العجالة إلى ما تشتمل عليه هذه العبادات من المثل العالية والمبادئ السامية التي تحقق السعادة في الدنيا والآخرة.
الصلاة وفضائلها:
إن من يدرس هذه الفضيلة دراسة واعية مستفيضة يدرك أنها تشتمل على كثير من الفضائل التي تسهم في سعادة الفرد والمجتمع ومن هذه الفضائل ما يأتي:
1- إنها تسهم في حماية العبد من الأمراض التي تفتك به وتعوقه عن العمل لدنياه وأخراه لما فيها من الحث على النظافة فقد جعل الإسلام مفتاحها طهارة البدن والثوب والمكان.
2- إنها تعوِّد المؤمن مراقبة الله وخشيته، إذ يقف العبد فيها فارغا من الشواغل موجها قلبه إلى مولاه يناجيه ويثني عليه بما هو أهله خائفا عقابه طامعا في رحمته طالبا منه العون والهداية فيؤثر ذلك في نفسه ويعوده مراقبة الله وخشيته فيجتنب ما يغضب مولاه عما حرم الله. {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}.
3- الصلاة تمد المؤمن بقوة روحية تعينه على مواجهة المشقات والمكاره في الحياة الدنيا {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِين}. وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.
4- إن في الصلاة غذاء روحيا للمؤمن يعينه على مقاومة الجزع عند الشر والمنع عند الخير والتغلب على جوانب الضعف الإنساني {إِنَّ الإنسان خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ}.
5- إن الصلاة سبب لمحو الخطايا وغفران الذنوب فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أرأيت لو أن نهرا على باب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات فهل يبقى على بدنه من درنه شيء قالوا: لا قال فذلك مثَل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا" أخرجه البخاري ومسلم.
6- إن الصلاة تعلم العبد بما فيها من الركوع والسجود والثناء والتعظيم كيف يتواضع لله، وكيف يشكر من أحسن إليه ويكافئ من أسدى إليه معروفا.
7- إن الصلاة بما فيها من الخشوع ترقق قلب المؤمن وتملأه رحمة وقناعة فيرحم الضعفاء، ويواسي البؤساء، ويرضى عن الله في الشدة والرخاء.
8- إن في الصلاة غذاء للروح لا يغني عنه علم ولا أدب فالصلوات الخمس هي وجبات الغذاء اليومي للروح كما أن للمعدة وجباتها اليومية يناجي المصلي فيها ربه فتكاد تشف روحه وتصفو نفسه فتسمع كلام الله الذي يقول: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي قسمين ولعبدي ما سأل. فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله عز وجل: حمدني عبدي، فإذا قال الرحمن الرحيم قال الله: أثنى عليّ عبدي، فإذا قال: مالك يوم الدين قال: مجدني عبدي، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال هذا لعبدي ولعبدي ما سأل" رواه مسلم.
9- في الصلاة تدريب للمسلم على النظام وتعويد له على الطاعة ويظهر هذا واضحا في صلاة الجماعة إذ يقف المسلمون في صفوف مستقيمة متلاصقة فلا عوج ولا فرج المنكب إلى المنكب والقدم إلى القدم فإذا كبر الإمام كبروا وإذا قرأ أنصتوا، وإذا ركع ركعوا، وإذا سجد سجدوا، وإذا سلم سلموا، من خرج على هذا النظام فكأنما خرج على الإنسانية وانحط إلى مستوى الحيوانية ففي الحديث الشريف: "ألا يخشى الذي يركع أو يسجد قبل الإمام أن يمسخ الله رأسه رأس حمار" رواه البخاري ومسلم.
10- في صلاة الجماعة مظهر من مظاهر المساواة الرائعة إذ يقف الأمير إلى جانب الفقير والغني في جوار المسكين، والسيد في محاذاة الخادم، فليس في المسجد لائحة تخصص الصف الأول للوزراء والصف الثاني للنواب، والصف الثالث للمدير وإنما الجميع سواسية كأسنان المشط فمن بكَّر في الذهاب إلى المسجد احتل مكانه في مقدمته أيّاً كانت منزلته وأيّاً كان عمله في الناس.
11- في صلاة الجماعة دعم لعاطفة الأخوة وتقوية لروابط المحبة وإظهار للقوة فبالاجتماع تذهب الضغائن وتزول الأحقاد، وتتآلف القلوب وتتحد الكلمة.
12- في صلاة الجماعة تظهر عظمة ملك الملوك ورب الأرباب ويعم الخير وتنتشر الرحمة لأن المسلمين إذا اجتمعوا في صعيد واحد وراء إمام واحد إلى قبلة واحدة يعبدون ربّاً واحدا خاشعين خاضعين خائفين عذابه طامعين في فضله غشيتهم رحمته وعمهم إحسانه {وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}.
13- الصلاة تعود على البدن بنفع عظيم فهي تقوى العضلات وتسبب اليقظة المبكرة والنشاط لجميع الجوارح فالجسم في الصلاة يعمل قائما وقاعدا وراكعا واللسان يعمل قارئا مكبرا مسبحا مهللا والعقل يعمل متدبرا متفكرا فيما يتلى عليه من القرآن والقلب يعمل مستحضرا رقابة الله تعالى وحشيته والشوق إليه.
عناية الإسلام بالصلاة
لقد عني الإسلام بالصلاة لما فيها من الفضائل ولما تشتمل عليه من الخير والنفع فشدد كل التشديد في طلبها وحذر كل التحذير من تركها أو تأخيرها عن أوقاتها فهي عمود الدين ومفتاح الجنة وخير الأعمال وأول ما يحاسب عليه المرء المؤمن يوم القيامة يذكرها القرآن الكريم في دعاء الخليل إبراهيم. عليه الصلاة والسلام {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ}.
ويمدح بها إسماعيل عليه الصلاة والسلام {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً}.
ويأمر الله تعالى كليمه موسى عليه الصلاة والسلام بإقامتها أول ما يأمره به في ساعات الوحي الإلهي {وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي}.
ويوحي إليه وإلى أخيه هارون عليهما الصلاة والسلام {أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ}.
ومن وصايا لقمان لابنه {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}.
وينطق عيسى عليه السلام وهو في مهده {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً}. ويأمر بها خام أنبيائه عليه أفضل الصلاة والسلام {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ}.
ويؤكد الإسلام عليها في الحضر والسفر والأمن والخوف والسلم والحرب {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانا}.
وينذر بالويل والهلاك من يصرف قلبه عنها أو يؤخرها عن وقتها فيضيعها {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}.
ويجعلها الرسول صلى الله عليه وسلم الدليل الأول على التزام عقد الإيمان والشعار الفاصل بين المسلم والكافر ففي الحديث الشريف "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" رواه أحمد ومسلم.
وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم يوما فقال: "من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف" أحمد وابن حبان.
وفي توجيه هذا الحديث كلام حسن خلاصته أن من شغله عن الصلاة ماله فهو مع قارون ومن شغله عنها ملكه فهو مع فرعون ومن شغله عنها رياسته ووزارته فهو مع هامان ومن شغله عنها تجارته فهو مع أبي بن خلف.
وفي الحديث الشريف "من فاتته صلاة فكأنما وتر أهله وماله" رواه ابن حبان تلك هي مكانة الصلاة في الإسلام ولهذه المكانة كانت أول عبادة فرضت على المسلمين فقد فرضت في مكة قبل الهجرة بسنتين تقريبا، وكانت طريقة فرضيتها دليلا آخر على عناية الله تعالى بها إذ فرضت ليلة الإسراء والمعراج بخطاب مباشر من رب العالمين تبارك وتعالى إلى خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.
الصلاة التي يريدها الإسلام
إن الصلاة التي يريدها الإسلام والتي تشتمل على الفضائل التي سلفت ليست مجرد أقوال يلوكها اللسان، وحركات تؤديها الجوارح بلا تدبر من عقل ولا خشوع من قلب، أو تلك التي ينقرها صاحبها نقر الديك[15] كلا وإنما الصلاة التي يريدها الإسلام هي التي تأخذ حقها من التأمل والخشية واستحضار عظمة المعبود جل جلاله لأن القصد الأول من الصلاة هو تذكير الإنسان بربه عز وجل {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} فالصلاة التي يريدها الإسلام لابد فيها من حضور القلب والعقل معا فالقلب يستحضر عظمة المعبود والعقل يتدبر فيما يتلى من القرآن، وبحضور القلب والعقل تسكن الجوارح ويتم الخشوع، وتؤتي الصلاة ثمارها، ويحظى المصلي بفضلها وثوابها وتقوى صلته بربه فيسعد في الدنيا والآخرة يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "ركعتان مقتصدتان في تفكر خير من قيام ليلة والقلب ساه".
الزكاة وفضلها
ومن العبادات التي تشتمل على كثير من الفضائل ((الزكاة)) ومن فضائلها ما يأتي:
1- إنها تغرس في نفس المؤمن فضيلة السخاء وتطهر نفسه من رذيلة الشح فيفوز برضا الله ويسعد بتوفيقه {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
2- الزكاة فيها سدّ لحاجة الفقراء وتفريج لكربة الغارمين وتيسير لأبناء السبيل وعون على المصالح العامة.
3- إنها تخرج الأضغان من قلوب البائسين وحقدهم على الأغنياء المترفين وتملأ قلوبهم بمحبتهم وتمنعهم من الإساءة إليهم وبذلك يسود الأمن وبذلك تكون الألفة والإخاء.
4- الزكاة فيها تطهير للمال من الشر ففي الحديث الشريف "إذا أديت زكاة مالك فقد أذهبت عنك شره" رواه الحاكم وفي الحديث الشريف أيضا: "حصنوا أموالكم بالزكاة" رواه أبو داود.
5- الزكاة ضمان اجتماعي لأن الإسلام يأبى أن يكون في مجتمعه من لا يجد القوت الذي يكفيه والثوب الذي يواريه والبيت الذي يؤويه فهذه ضرورات يجب أن تتوافر لكل من يعيش في ظل الإسلام الرحيم والمسلم مطالب بأن يحقق هذه الضرورات وما فوقها من جهده وكسبه فإن لم يستطع فالمجتمع يكفله ويضمنه والزكاة مورد أساسي لهذه الكفالة الاجتماعية التي فرضها الإسلام لفقراء والمساكين {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}.
6- الزكاة أمضى سلاح لمحاربة كنز الأموال ولإخراج النقود من مخابئها فالمال المخبوء تأكله الزكاة.
هذه هي بعض الفضائل التي تشتمل عليها هذه الفريضة ولو أن الناس أخرجوا زكاة أموالهم كما أمرهم ربهم لسدت حاجة الفقراء والمساكين ولعاش الناس إخوة متحابين متآلفين ولكن بعض الأغنياء بخلوا بزكاة أموالهم فمنعوها مستحقيها فكانوا سببا في انتشار الأحقاد والضغائن وحدوث كثير من المفاسد والجرائم.
الصيام وفضائله
كذلك من العبادات ذات الأثر الحسن في إصلاح القلوب وتهذيب النفوس (الصيام)) فهو يشتمل على كثير من الفضائل نذكر بعضها:
1- في الصيام ضبط للنفس وإطفاء لشهواتها فإنها إذا شبعت تمردت وسعت وراء شهواتها وإذا جاعت خضعت وامتنعت عما تهوى قال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فهو له وجاء" فإنه يكسر من شهوة الشباب حتى لا تطغى عليه الشهوة فيصير إلى العنت والفاحشة فكان الصوم ذريعة إلى كف النفس عن المعاصي.
2- إن الصيام وسيلة إلى إصلاح النفوس وتهذيبها إنه يربي في الإنسان فضيلة الصدق والوفاء والإخلاص والأمانة والصبر عند الشدائد لأن النفس إذا انقادت للامتناع عن الحلال من الغذاء الذي لا غنى لها عنه طلبا لمرضاة الله وخوفا من أليم عذابه فأولى أن تنقاد للامتناع عن الحرام الغنية عنه فلا يكذب الصائم ولا يغدر ولا ينقض عهدا ولا يخلف وعدا ولا يكون مرائيا ولا خائنا فكان الصوم سببا في اتقاء المحارم وقوة العزيمة والتحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل وإلى هذا كله أشار جل جلاله بقوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .
3- الصوم يدعو إلى شكر النعمة إذ هو كف للنفس عن الطعام والشراب ومباشرة النساء وكل هذا من جلائل نعم الله عز وجل على خلقه والامتناع عن هذه النعم من أول اليوم إلى آخره يعرف الإنسان قدرها إذ لا يعرف فضل النعمة إلا بعد فقدها فيعينه ذلك على القيام بشكرها، وشكر النعمة واجب وإلى هذا أشار جل وعلا بقوله: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
4- الصيام يبعث في الإنسان فضيلة الرحمة بالفقراء والعطف على البائسين فإن الإنسان إذا ذاق ألم الجوع في بعض الأوقات تذكر الفقير الجائع في كل الأوقات فيسارع إلى رحمته والإحسان إليه.
5- في الصيام تمام التسليم لله وكمال العبودية له فالصائم يجوع ويعطش وأسباب الغذاء والري أمامه ميسرة لولا حب الله تعالى والرغبة في رضاه ولهذا جاء في الحديث القدسي "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي يدع شهوته وطعامه من أجلي" رواه مسلم.
6- الصيام يعود على البدن بالصحة ويكون سببا في شفاء كثير من الأمراض إذ فيه راحة للمعدة من عناء الهضم وتخليص للجسم من فضلاته الضارة وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول "صوموا تصحوا" رواه الطبراني.
هذا هو الصيام لم يشرعه الله تعالى تعذيبا للبشر ولا انتقاما منهم وإنما شرعه إيقاظا لأرواحهم وتصحيحا لأجسامهم وتقوية لإرادتهم وتعويدا لهم على الصبر وتعريفا لهم بالنعمة وتربية لمشاعر الرحمة فيهم وتدريبا لهم على كمال التسليم لله رب العالمين.
الحج وفضائله
إن في فريضة الحج كثيرا من الفضائل التي تسهم في تحقيق السعادة في الدنيا والآخرة ومن هذه الفضائل ما يأتي:
1- الحج غذاء روحي كبير تمتلئ فيه جوانح المسلم خشية وتقى لله رب العالمين، ففي كل منسك من مناسكه غذاء للروح فما الإحرام إلا تجرد من شهوات النفس والهوى وحبس للنفس عما سوى الله عز وجل وحث على التفكير في عظمة الله جل جلاله وحث على تذكر الموت والاستعداد له بالعمل الصالح فالحاج في لباس إحرامه يذكر بالميت في أكفانه، وما التلبية إلا استجابة وذكر وطاعة وامتثال، وما الطواف بعد التجرد إلا استحضار لعظمة الله تعالى حول بيته، وامتثال لأمره {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} وما السعي بين الصفا والمروة إلا تردد بينهما التماسا لرحمة الله تعالى وطلبا لمغفرته، وما الوقوف بعرفة إلا بذل للمهج في الضراعة إلى الله بقلوب مملوءة بالخشية وأيد مرفوعة بالرجاء وألسنة لاهجة بالدعاء وآمال صادقة في أرحم الراحمين، وما الرمي بعد ذلك إلا رمز لاحتقار عوامل الشر ونزغات الشيطان، وما الذبح إلا إراقة للدم الذي أمر الله به أن يراق ورمز للتضحية والفداء.
{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
2- في الحج تدريب على ركوب الأخطار وتحمل المشقات ومفارقة الأهل والتضحية بالراحة والدعة في الحياة الرتيبة بين الأهل والأصحاب.
3- في الحج تدريب للمسلم على المبادئ الإسلامية العالية التي جاء بها الإسلام ففي وحدة مظهر الحجاج في إحرامهم معنى المساواة في أجلى صورها وأتمها.
4- في الحج ترى معنى الوحدة الإسلامية جليا كالشمس فشعور المسلمين فيه واحد وشعائرهم واحدة لا إقليمية ولا عنصرية ولا عصبية للون أو جنس أو طبقة فكلهم مسلمون يؤمنون برب واحد ويطوفون ببيت واحد.
5- الحج مظهر من مظاهر السلام فأرض الحج هي البلد الحرام والبيت الحرام الذي جعله الله مثابة للناس وأمنا، ومن دخله كان آمنا. إنها منطقة أمان شمل الطير في الجو والصيد في البر والنبات في الأرض فهذه المنطقة لا يصاد صيدها ولا يروع طيرها ولا حيوانها ولا يقطع شجرها ولا حشائشها .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} { حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً }.
6- الحج مؤتمر إسلامي عظيم فهناك يجد المسلم إخوانا له في الدين من قارات الدنيا الخمس اختلفت أقاليمهم وألوانهم ولغاتهم وجمعتهم رابطة الإيمان والإسلام فما أجدر المسلمين أن ينتفعوا من هذا المؤتمر السنوي بما يعود عليهم بالخير في أمر دينهم وأمر دنياهم {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُم}.
هذه هي بعض الفضائل التي تشتمل عليها العبادات، وهذه الفضائل لا تحصل للعابد إلا إذا أسس عبادته على التوحيد بأن يصرف كل هذه العبادات لله وحده وأن يحسن أداءها بحيث يأتي بها على الوجه الذي شرعه الله تعالى على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
------- والآن نتحدث عن أثر الصلاة والزكاة والصوم والحج في جمع كلمة المسلمين.
الصلاة:
الصلاة هي الفريضة الأولى بعد الإيمان بالله ورسوله، وهي عماد الدين، من وفق إليها، وأعين عليها، فهو الموفق السعيد ومن حرم منها فهو الشقي البعيد، والصلاة التي نقصد الحديث عنها هي التي يخشع فيها صاحبها، ويحافظ على شروطها وآدابها، لا يقتصر دورها على أجر يثاب عليه المؤمن، وعذاب ينجو منه، وإنما تحفظه، وتنفي عنه الشرك الظاهر والخفي، وتعود به إلى صفوف المتواضعين إن كان فيه شيء من الكبر، وترقى به إلى درجة الأعزاء إن كان فيه شيء من الذلة والخنوع، فالحاكم والمحكوم، والرئيس والمرؤوس، وأصحاب الثروة والقوة، والنفوذ والسلطان، والذين ليس لهم من ذلك شيء، كل هؤلاء متساوون في الوقوف بين يدي الله والإقبال عليه، لا فضل لأحد منهم على أحد، إلا بمقدار ما في قلبه من تقوى، وما تثمره هذه التقوى من خيرات وما تحجز عنه من موبقات، فكل أعمال الصلاة ترجع الأمر كله لله، يقف المصلون جميعا بين يدي ربهم يأتمون بإمام واحد كأنهم بنيان مرصوص، يعلنون الله أكبر، وإنها لنعم الكلمة التي تفتح بها تلك العبادة، إنها إعلان بأن الله أكبر من كل شيء ففي هذه الكلمة نفي للخوف والتردد، وإبعاد لشبح الهلع والفزع والجبن لذلك كان المؤمنون هم الذين يحققون الحكم التي يمكن أن تثمرها هذه الصلاة.
لذا هيأ الله تعالى بتشريعه وحكمته للصلاة، جوا طيبا من الإجلال والتعظيم، والخشوع والسكينة، والتعاون والاجتماع، ثم شرع الله تعالى الأذان للدعوة إليها والجمع عليها.
نداء لم تتجل فيه مقاصد الصلاة ومعانيها فحسب بل تجلت فيه كذلك مقاصد الإسلام، وشعائر التوحيد، ثم أقيمت لها المساجد تلك البيوت التي أذن الله فيها أن ترفع ويذكر فيها اسمه، والتي يتجلى فيها الوقار والسكينة، والخشوع والخضوع، فهي مهبط الرحمات، وملتقى الصالحين وموضع نظر الله في الأرض، فيها يتم التآلف والتعارف، والتوحد والترابط ويتعرف كل على حاجة أخيه قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ} ]النور:36-37[.
لقد كانت هذه المساجد مركز حياة المسلمين، وتعلمهم ودراستهم ومصدر الإصلاح والتوجيه، تعالج فيها قضايا المسلمين الدينية والاجتماعية ويعرفون في ساحاتها كل ما يرفع من شأنهم في حياتهم، ويكتب لهم السعادة بعد مماتهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حدث حدث أو نزل بالمسلمين أمر أن ينادى في الناس (الصلاة جامعة) فيفيض إليهم بالنصح والتذكير ويعلمهم الكتاب والحكمة، ويبصرهم بما يصلح من حالهم، ويوقظ من قلوبهم، ويشد من عزمهم، وظلت المساجد هكذا تؤدي رسالتها العظيمة في خدمة الإسلام، ودعم وحدة المسلمين فكانت القطب الذي تدور حوله رحى الحياة، وتتفجر فيها ينابيع العلم والهداية، وتنبثق منها أنوار الإصلاح والإرشاد وتنطلق منها موجات الكفاح والجهاد.
والمساجد تتجلى فيها عظمة الله وحده، فلا عظمة فيها لمخلوق ولا اختصاص لعظيم أو كبير، ولا فضل لذي حسب أو نسب، وهو مكان مشاع يتساوى فيه الناس جميعا، الحر منهم والعبد، والحاكم والمحكوم، والغني والفقير، قال تعالى في كتابه الكريم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} ]الحجرات: 13[.
وشرع الله الجماعة للصلاة، وأبان الرسول صلى الله عليه وسلم عن فضائلها فقال:"صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة".
وقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم على تركها، والتخلف عنها وأشار إلى أن ذلك من سمات المنافقين فقال عليه الصلاة والسلام:"والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم".
وقال عليه الصلاة والسلام:"عليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية".
وإذا حضر المؤمن الجماعة، عرف إخوانه وعرفوه فلو غاب عنهم سألوا عنه فإن كان غائبا دعوا له- ودعوة الأخ لأخيه بظهر الغيب مستجابة- وإن كان مريضا عادوه فأثيبوا وأجروا، وجبروا خاطره وأدخلوا السرور عليه، وإن كان حاضرا زاروه، فتوطدت أواصر الأخوة، وتأكدت أسباب التضامن والمحبة.
بل إن في الجماعة بجانب ما سبق، حكم جليلة، ومصالح جمة بعضها اجتماعي وخلقي كالوحدة والاجتماع، والتعارف والتعاون، وبعضها ديني أخروي، كالمحافظة على الصلوات والتنافس في إحسانها وإتقانها، ومنها أن إخلاص المخلصين وخشوع الخاشعين يؤثر في الجماعة كلها، ويرى نوره من خلاها فيوقظ النفوس الخامدة، ويحرك الهمم الفاترة وقد يكون سببا في قبول عبادة الجميع.
وإكرام بعض الناس ببعض، أمر تقره قواعد الشريعة ويشهد به قول الرسول صلى الله عليه وسلم"هم القوم لا يشقى بهم جليسهم".
نعم إن لاجتماع المسلمين، سرا عجيبا، في تدفق الرحمات، وهذا هو السر في صلاة الاستسقاء وجماعتها، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد الاهتمام بتسوية الصفوف، كثير الترغيب في إقامتها ووصلها، وسد خللها، شديد الإنكار على الإخلال بها والتفريط فيها، ذلك لأن فوائد الجماعة لا تتحقق ولا تكتمل إلا بالمحافظة عليهَا، وقيام المسلمين فيها كالبنيان المرصوص.
وشرع الله صلاة الجمعة، واختصها بشروط وآداب تزيد في جلالها، وترفع من شأنها، وتورث مزيدا من الاهتمام بها في جمع شمل المسلمين، تحت راية الدين، وهيمنة رب العالمين، وشرع الله الاغتسال في يوم الجمعة والتطيب والنظافة، وبين ما يترتب على ذلك من عطاء أخروي، إلى جانب ما نلمسه من أثر صحي واجتماعي.
يقول عليه الصلاة والسلام:"لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يصيب من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى".
فإذا صعد الخطيب المنبر نصح الناس وذكرهم، ودعاهم إلى الله ويعرفهم بأمور دينهم ودنياهم.
وعلى ولاة الأمور من المسلمين تشجيع الخطباء، وتقبل انتقاداتهم على أنها نصائح فإن الدين النصيحة، وهي لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، والملائكة تشارك المؤمنين في سماع خطبة الجمعة قال عليه الصلاة والسلام:"إذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر".
فإذا انتهت الخطبة، أمهم إمام واحد، فكانوا متراصين متساويين يركعون ركوعا واحدا، ويسجدون سجودا واحدا ويتجهون إلى قبلة واحدة هي الرمز لوحدتهم، والجمع لكلمتهم والعنوان الكامل لترابطهم وتضامنهم.
وقد شرع الله للمسلمين صلاة العيدين، يأتي عيد الفطر بعد شهر كامل يقضيه المسلمون، بين الصيام والقيام، والتلاوة والذكر والبر والرحمة، لقد جعله الله ميقاتا للعطاء، والتشرف بضيافة الله، وأما عيد الأضحى فيأتي في آخر عشر ذي حجة، وهي أيام وليال لها فضلها وميزتها، وفيها ذكريات جليلة، توقظ المشاعر، وتبعث الهمم، إنها ذكريات إبراهيم وإسماعيل ومحمد عليهم جميعا الصلاة والصلاة، وإذا كان ما يسمى بالأعياد عند غير المسلمين مواسم تحرر وانطلاق، ومناسبات لذة وتمتع تتناقض أشد التناقض مع العبادات ومفهومها، فإن هذين العيدين، يبدءان بالصلاة لله رب العالمين، بشعار هو التكبير لدى الذهاب إلى الصلاة، وفي انتظارها، وفي الخطبة وبعدها ثم صدقة الفطر قبل صلاة عيد الفطر، والأضحية بعد صلاة عيد الأضحى، كما شرع في هذين العيدين الصلاة بالمصلى خارج البلد، إظهارا لشوكة المسلمين، وعنوانا على وحدتهم وتضامنهم.، وكبتا لعدوهم وتكثيرا لجمعهم، ليعظم لهم العطاء.
لقد كان للجمعة والجماعة، والعيدين، وصلاة الاستسقاء وصلاة الخوف في الأمصار والأقطار، فضل كبير في حفظ هذا الدين، وسلامة الشريعة والأوضاع الدينية، وبقائها على ما تركها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وبعدها عن تحريف المنحرفين وعبث العابثين، فلو كان المسلمون- أعاذهم الله من ذلك- تركوا الجمعة والجماعة، انفردوا بعباداتهم وصلواتهم في بيوتهم وقاموا بها منفردين منعزلين، موزعين مشتتين، لحرفت هذه الصلوات ومسخت مسخا كبيرا أفقدها أصالتها ووضعها الأولى، وتنوع المسلمون فيها، وصاروا فرقا وأقساما كما في كثير من مظاهر حياتهم المدنية، وآدابهم الاجتماعية وكان للصلاة أنماط ونماذج محلية كما هو حاصل لدى اليهود والنصارى.
لقد كانت هذه الجماعة عاملا كبيرا من عوامل وحدة المسلمين في العبادات وعاصما لأحكام الدين من التحريف، كما كانت سببا عظيما في تضامنهم، وجمع كلمتهم، وبلغ من اهتمام الإسلام بالجماعة أنه رغب في إقامتها، والحرص عليها حتى في أوقات المحن والشدائد، حين يلقى المسلمون عدوهم، ويواجهون خصومهم، لأن الصلاة في ذاتها سبب المعونة الإلهية، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} ]البقرة: 153[. ولأن في إقامتها مع الجماعة مزيدا من العون والعطاء، تتضاعف بركاتها، وتكثر خيراتها قال سبحانه: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً} ]النساء:102[.
ولم تجز الشريعة الإسلامية ترك الصلاة، أو تأخيرها عن ميقاتها في أمن أو خوف، شدة أو رخاء، صحة أو مرض، سفراً أو إقامة، إلا أنه قد جعل لكل حالة وضعا خاصا يتلاءم مع تلك الحالة، يتحقق به التيسير، ورفع الحرج الذي أكرم الله تعالى به هذه الأمة، يقول الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} ]البقرة: 238-239[.
الزكاة:
لعل من نافلة الحديث أن نقول: إن المال مهم غاية الأهمية للأفراد والجماعات، وأنه قوام الحياة، وأساسها، وعليه تقوم النهضات، وتتقدم الحضارات، به صيانة الحرية، وقوة الشوكة، والعزة والمنعة، فذلك أمر واضح، لا يحتاج إلى بيان، ويكفي أن يصفه القرآن الكريم بأنه قيام الحياة، وينصح بالتوسط فيه إن ملكه المرء فلا يسرف حتى يقف عاجزا عن التصرف، ولا يقتر حتى يتعرض للسخط والملامة قال تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً} ]النساء:5[.
ويقول جل شأنه: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً} ]الإسراء: 29[.
ويثني على فريق من عباده بالتوسط في النفقة بين الإسراف والتقتير فيقول سبحانه:{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً}]الفرقان: 67[.
ولما كانت للمال هذه الأهمية في إعداد العدة، وأخذ الأهبة، كان الجهاد بالمال مقدما في القرآن الحكيم على الجهاد بالنفس، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ]الصف:10- 11[.
وكان للنفقة في سبيل الله امتيازها عن الإنفاق في وجوه الخير الأخرى بزيادة أجرها، وكثرة أضعافها قال سبحانه: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} ]البقرة: 261[.
ثم كان للمال الأهمية البالغة في دفع الحاجات، وتفريج الكربات بإطعام الجائع، وكسوة العاري، وفك ضائقة المحتاج، فإن الله تعالى أوصى بالبذل في هذه الوجوه، وفرض من ذلك نصيبا معروفا في أموال الأغنياء يرد على الفقراء وسمي ذلك زكاة تارة و صدقة تارة، مشيرا بهذه الأسماء ، إلى أمور اتسم بها البذل والإنفاق في الإسلام، لأن الزكاة لغة : التطهير والنماء ، وهذا الجزء القليل الذي يبذله المؤمن الغني من ماله يطهر صاحبه من رذائل الشح والبخل، وقلة المبالاة بالناس، وعدم الاهتمام بهم، ثم يحليه بطائفة من الأخلاق الكريمة كالسخاء والإيثار، وحب الخير للناس، ورعاية المجتمع، قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ]التوبة : 103[.
وسماه الله صدقة لأن بذل المال لله، وابتغاء مرضاته، دليل الإيمان وآية اليقين، وأمارة التصديق، قال عليه الصلاة والسلام:"...والصدقة برهان".
والصدقات في الإسلام تقوم بوظائف شتى لذلك كان القرآن الحكيم حريصا على بيان مصاريفها بيانا قاطعا قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} ]التوبة : 60[.
والمتأمل في هذا النص الكريم يرى ما ينطوي عليه نظام الصدقة من تكافل اجتماعي بين أبناء المجتمع الإسلامي، بمواساة الغني للفقير والمسكين، ومراعاة المجتمع للذين يتفرغون لشئون المجتَمع، وإعانتهم على القيام بما ندبوا إليه من ذلك خير قيام، ثم إعطاء المؤلفة قلوبهم وهم الذين دخلوا في الدين ولم يتمكن من نفوسهم التمكن الكامل، ثم يعطى المكاتبون لاستخلاص رقابهم، وشراء حريتهم، وفي هذا دليل على أن الإسلام توّاق إلى الحرية، معين عليها، مرغب في منحها، وهذا ملحظ سياسي واجتماعي عظيم، ثم من أحاطت به المكاره والديون، جعل الله له في ذلك المال نصيبا، يسدد به دَيْنه، ويستأنف به حياته، أما ابن السبيل وهو المسافر الذي نفد ماله أوضاع فينبغي أن يعان من الزكاة حتى يبلغ أهله، فإنه في هذه الحالة أخو الفقير والمسكين، وإن كان في بلده غنيا، والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه، أما الإنفاق في سبيل الله فهو قمة الإنفاق يقول عليه الصلاة والسلام:"من جهز غازيا فقد غزا، ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا".
إن الصدقات شرعت إذن سدا لحاجات الفقراء والمساكين، وتفريجا لكرب المحتاجين، وتثبيتا للإيمان في القلوب، وتحريرا للرقاب من ذل الرق، وإعزازا لدين الله، والدفاع عن حرمات الإسلام.
وهذا هو أحد جوانب الصدقات، وهو جانب العطاء، أما ما يترتب عليه وهو الذي يطلق عليه الجانب الاجتماعي، فهو الوجه الآخر لتشريع الصدقات.
ونستطيع أن نبين الأثر الاجتماعي للزكاة، حين نطرح السؤال الآتي: ماذا يكون الحال لو بخل الأغنياء بأموالهم على الفقراء والمحتاجين وعلى البذل في وجوه البذل الأخرى؟
والجواب: إن صورة المجتمع تصبح صورة مخيفة مفزعة، فالفقراء والمحتاجون تمتلئ صدورهم بالأحقاد والضغائن، وتمتد أيديهم إلى هذه الأموال التي لم يحصلوا عليها طواعية، ليستولوا عليها بوسائل أخر يفسد بها نظام الحياة ويصبح المجتمع طوائف متناحرة تتربص كل منها بالأخرى، وتغدوا الحياة جحيما لا يطاق.
ويقول قائل: إن الدول والحكومات تقوم بضرائب وجبايات وتبذل صدقات ومعونات، ألا تسد هذه مسد الزكاة؟ ألا تصلح عوضا عنها؟
والجواب: كلا، لأن ما يفرضه البشر على البشر لا يمكن بحال أن يرقى إلى ما شرع الله لعباده، فإن ما يفرضه البشر فيه قصورهم وأهواؤهم، وكثيرا ما يحمل ألوانا من التسلط والابتزاز، ثم هو في أغلب الأحيان يوضع في غير موضعه، ويوجه إلى غير مستحقيه، أما الزكاة التي شرعها العليم الحكيم لعباده فإن لها خصائص وسمات تميزها عما عداها، فمن أبرز هذه الخصائص أنها قربة لله عز وجل، تصحبها النية والإخلاص، والاحتساب، لتكون مقبولة ولا شيء من ذلك يقصد في الضرائب، بل أنها في الأعم الأغلب تكون مصحوبة بروح السخط والمقت والاستثقال والإنكار، لأن دافع هذه الضرائب لا يعتقد أنها مشروعة من الله تعالى، ولا يرجو عليها ثوابا بل يعتقد أنها مفروضة عليه من أفراد منه مثله، وربما أقل منه، وأنها تنفق في كثير من الأحيان في الأهواء والشهوات، احتفاظا بسلطة أو خدمة لأفراد محدودين، لا يرافقها شيء من الترغيب في الإخلاف والجزاء، أو الترهيب من النكول والبخل، بل إنها كثيرا ما تؤدى تحت ضغط التهديد والتغريم، التي تزيد دافعها كراهية وسخطا.
ولهذه الحكمة البالغة، والتي لا تتأتى إلا فيما شرع الله سبحانه جاءت الزكاة في القرآن الكريم، وفي السنة المطهرة مشفوعة بما يرغب في إخراجها بطيب نفس، وصدق نية، وكريم احتساب، وذلك ببيان ما يترتب على إخراجها من نتائج وثمرات في الدنيا والآخرة من إخلاف وثواب ونمو وبركة.
يقول الله تعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ} ]الحديد: 11[.
ويقول عليه الصلاة والسلام:"من تصدق بعَدْل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصَاحبها كما يربى أحدكم فلوه،. حتى تكون مثل الجبل".
ويقول عليه الصلاة والسلام:"ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه".
ويقول عليه الصلاة والسلام:"ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا".
وينعى القرآن الكريم على أولئك الذين استولى الشح على نفوسهم فصاروا يعيشون في الحياة، ولا هم لهم إلا الجمع والمنع، يأخذونه من غير حله، ولا يضعونه في محله، فويل لهم حين أخذوه، وويل لهم حين بخلوا به، وويل لمن سلك في الجمع والمنع مسلكهم.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لانْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ}]التوبة: 34- 34[.
ومن خصائص الزكاة، أنها تؤخذ من الأغنياء، وترد على الفقراء وهذا بخلاف الضرائب فإنها تؤخذ من الجميع، ثم أنها تنفق في وجوه إذا وزنت بميزان الشريعة تبين أنه إذا كان فيها الكريم المشروع، ففيها الخبيث الممنوع لقد كانت الزكاة بهذا التوجيه الذي يرعى جانب الفقير، ومصلحة الغني كذلك.
فإذا كان المرء بالشهادتين يدخل في الإسلام، فإنه بالصلاة قد أوفي بالجانب المهم في عهده مع الله، وهو بالزكاة يبدأ عهدا جديدا مع إخوانه في الدين، وشركائه في المجتمع، عهدا ترفرف عليه رايات الحب، ويغمره التعاون والتراحم
يتبع .
| |
|
مروان أبو حجر نائب المدير
عدد المساهمات : 55 نقاط : 13779 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 03/06/2012 العمر : 58
| موضوع: رد: العبادات في الإسلام الثلاثاء يونيو 12, 2012 7:54 pm | |
|
الصيام.
لا نعتقد أنه بوسعنا ولا بوسع بشر، مهما أوتي من علم، ورزق من حكمة أن يحيط علما بأسرار الله التي تضمنتها العبادات التي شرعها. والشعائر التي وضعها، ولولا أن الله -بمنه وكرمه- أوضح من ذلك جوانب، وأشار إلى أخرى، إيناسا للنفوس وجذبا للقلوب، ما كان لبشر أن يخوض في ذلك أو يتكلم فيه والتسليم معيار الإيمان، وميزان الإخلاص {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} ]النور: 51-52[.
وهذا الركن الذي نحن بصدد الحديث عنه وهو: الصيام له آثاره البعيدة المدى على النفوس، وله فوائده المحققة على المجتمع، في كافة جوانبه وأحواله، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ]البقرة: 183[.
ويقول عليه الصلاة والسلام:"الصيام جنة"، وقد أمر عليه الصلاة والسلام، من اشتدت عليه شهوة النكاح- ولا قدرة له عليه- بالصيام.
إن الفضائل النفسية، والفوائد الاجتماعية التي يثمرها الصوم أجل من أن تحصى، وإذا كان الصوم يثمر التقوى، وعفة النفس واستقامة الجوارح ويقظة الضمير، ورحمة القلب، وخشية الرب، فإن هذه الفضائل، تنعكس على المجتمع كله، وتنشر بركتها عليه.
والتقوى التي جعلها الله غاية للصيام، والجُنَّة التي وصف بها النبي صلى الله عليه وسلم الصوم يمكن أن يندرج تحتها كل ما أدركنا، وما لم ندرِك من حكم الصيام، فليس للتقوى حد تنتهي عنده، أو غاية تنتهي إليها، وكذلك الجُنّة، قد تكون من التقصير والمخالفات، وقد يرقى بها صاحبها، فتكون من الشبهات، وقد يزداد رقيا فتصبح جُنَّة من الغفلات والخطرات.
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: "لما كان صلاح القلب واستقامته، على طريق سيره إلى الله تعالى متوقفا على جمعيته على الله، ولم شعثه بإقباله بالكلية على الله فإن شعث القلب لا يلمه إلا الإقبال على الله تعالى وكان فضول الطعام والشراب، وفضول مخالفة الأنام وفضول الكلام، وفضول المنام مما يزيده شعثا ويشتته في كل واد يقطعه عن سيره إلى الله تعالى، أو يضعفه أو يعرقله، اقتضت رحمة العزيز العليم بعباده أن شرع لهم من الصوم، ما يذهب فضول الطعام والشراب ويستفرغ من القلب أخلاط الشهوات المعوقة له عن سيره إلى الله تعالى، وشرعه بقدر المصلحة بحيث ينتفع به العبد في دنياه وأخراه، ولا يقطعه عن مصالحه العاجلة والآجلة".
إن المجتمع الذي يستقيم على شريعة الصوم، يكون مجتمعا قويا في عقيدته، قويا في استجابته لأمر ربه، قويا بتماسكه وتضامنه، وتراحمه، قويا بأخلاقه الكريمة، وشمائله النبيلة.
وقد اختار الله سبحانه بحكمته البالغة، شهر رمضان المبارك ليكون موسم الصيام، المفروض على المسلمين من كل عام، وقد أشار القرآن الكريم إلى السر في اختيار هذا الشهر لهذه الفريضة المباركة ذلك أنه الشهر الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس، وبينات من الهدى والفرقان.
وبين الصوم والقرآن صلة متينة عميقة، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه جبريل في كل ليلة من رمضان فيدارسه القران، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة .
لقد أصبح رمضان بما شرع فيه من صيام، وسن فيه من قيام وما رغب فيه من عبادة، وذكر وتلاوة للقرآن الكريم، وصدقات وتراحم، وبر وإحسان، موسما فذا من مواسم العبادة المتعددة النواحي، المتشعبة الجوانب، تلك العبادات التي تطبع النفوس بطابع الرحمة والخير، وتغمر المجتمع كله، بموجة من الحب والود والتعاون والتضامن، والتراحم.
وبجوار التعبد بقراءة القرآن في شهر القرآن، تذكر لشريعة الله وما يريده رب العباد من العباد، من صلاة وزكاة وصيام وحج وبر وتراحم، وتحاب وتآلف وصدق حديث، وأداء أمانة ورعاية للعهود، وما يترتب على ذلك، من عظيم الأجر والثواب في العاجلة والآجلة لمن أخلص ذلك لله وحده، وابتغى به وجهه وقام به إيمانا واحتسابا.
يقول الشيخ أحمد الدهلوي:"والصوم إذا التزمته أمة من الأمم، سلسلت شياطينها، وفتحت أبواب جناتها وغلقت أبواب النيران عنها". ويقول في نفس المرجع"وأيضا فان اجتماع طوائف عظيمة من المسلمين على شيء واحد في زمان واحد، يرى بعضهم بعضا معونة لهم على الفعل ميسر عليهم، ومشجع إياهم، وأيضا فان اجتماعهم هذا لنزول البركات الملكية على خاصتهم وعامتهم، وأدنى أن تنعكس أنوار كلهم على من دونهم، وتحيط دعوتهم مَنْ وراءهم"[31].
وأيضا فان في الصيام آثارا عظيمة في إعداد المسلمين للعبادات وتأهيلهم لجني ثمارها، والانتفاع بخيراتها وبركاتها. وبالصيام تصبح النفوس مستعدة للخير، راغبة في البر، كارهة للشر، نافرة من الفجور.
وإذا كانت تلاوة القرآن في رمضان عبادة لها ثمارها فإن هذه الثمار تكون أزكى وأنمي، وأبقى، إذا كان القلب مستعدا، والنفس متهيئة. يقول عليه الصلاة والسلام:"الصيام والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام رب منعته الطعام بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه قال: فيشفعان".
الحج:
الحج هو: الركن الخامس في الإسلام، وهو الفريضة التي تستوجب مفارقة المألوفات، والعادات، استجابة لرب العالمين، المسلم حين يستعد لتلبية هذه الدعوة بالإحرام يطهر باطنه بالنية الصالحة، والتوبة النصوح، ويطهر ظاهره بالاغتسال فإنه يعلن استجابته لأمر ربه مضاعفة مكررة، ولا يزال ذلك شعاره حتى يفرغ من حجه (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك).
وفي الإحرام التمرين العملي على فضيلة المساواة بين الناس وفيه كذلك تذكير لهم بما كانوا عليه، وبما سيصيرون إليه في الطريق الذي سبق هذه الحياة، والطور الذي سيعقبها وإنما هم فيه من زينة الدنيا وزهرتها إنما هو عارية مستردة"والحج تدريب عملي للمسلم على المبادئ التي جاء بها الإسلام فقد أراد الإسلام ألا يكون مبادئه، وقيمه الاجتماعية مجرد شعارات أو نداءات، بل ربطها بعباداته وشعائره، حتى تخط مجراها في عقل المسلم وقلبه، فهما وشعورا، ثم تخط مجراها في حياته سلوكا وتطبيقا، وقد رأينا في صلاة الجماعة كيف تنمي معاني الأخوة، والمساواة والحرية، وهنا في الحج نرى معنى المساواة في أجل صورة وأتمها، فالجميع قد طرحوا الملابس والأزياء المزخرفة، التي تختلف باختلاف الأقطار واختلاف الطبقات، واختلاف القدرات واختلاف الأذواق، ولبسوا جميعا ذلك اللباس البسيط- الذي هو أشبه ما يكون بأكفان الموتى- يلبسه الملك والأمير، كما يلبسه المسكين والفقير، وأنهم ليطوفون جميعا بالبيت، فلا تفرق بين من يملك القناطير المقنطرة، ومن لا يملك قوت يومه".
وفي الحج ترى معنى الوحدة جليا كالشمس، وحدة في المشاعر، ووحدة في الشعائر، ووحدة في الهدف، ووحدة في العمل، ووحدة في القول لا إقليمية، ولا عصبية للون أو جنس أو طبقة، إنما هم جميعا مسلمون، برب واحد يؤمنون، وببيت واحد يطوفون، ولكتاب واحد يقرأون، ولرسول واحد يتبعون، ولأعمال واحدة يؤدون، فأي وحدة أعمق من هذه وأبعد غورا؟ .
والحج أكبر مؤتمر عالمي يجمع المسلمين من جميع أنحاء العالم جمعتهم رابطة الإسلام، ووحدت بينهم كلمة الإيمان"في هذا المؤتمر يلتقي رجال العلم، ورجال الإصلاح، ورجال السياسة، فما أجدرهم وقد التقوا على هدف واحد أن يتعارفوا، ويتفاهموا، ويتعاونوا على تدبير أفضل الخطط وأحسن الوسائل ليبلغوا الأهداف، ويحققوا الآمال".
في هذا المؤتمر العالمي يتذاكر المسلمون خطبة نبيهم صلى الله عليه وسلم الجامعة على عرفه عام حجة الوداع والتي قد جاء فيها:
"... وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا كتاب الله وسنتي.. أيها الناس: اسمعوا قولي واعقلوه، إن كل مسلم أخ للمسلم، وإن المسلمين إخوة، فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه فلا تظلمن أنفسكم اللهم هل بلغت؟ قالوا: اللهم نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم اشهد"والمسلم يذكر كذلك- في الحج- إكمال الدين وإتمام النعمة على هذه الأمة حينما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف في يوم الجمعة عشية عرفة {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِينا ً}]ائدة: 3[.
ونتذكر كذلك أن الحج هو تعويد على مكارم الأخلاق، ومقابلة السيئة بالحسنة، ابتغاء وجه الله، وإحسان إلى الناس طلبا للإحسان من الله رب العالمين {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ} ]البقرة: 197[.
ويقول عليه الصلاة والسلام:"من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه".
والحق أن الحج بما فيه من أوضاع وشعائر، ودعوات، وابتهالات وذكريات مدرسة تملأ القلب رضا وسكينة وإيمانا وطمأنينة وتغمره بالخير من جميع نواحيه فيعود مسلما مؤمنا، حقا وصدقا مسارعا للاستجابة لربه الذي خلق فسوى، وقدر فهدى يصدق عليه قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم :"ذاق طعام الإيمان من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا".
العبادات بين السلف والخلف
لقد عرف السلف الصالح قيمة هذه العبادات فأسسوها على التوحيد وأحسنوا أداءها فجنوا ثمارها وانتفعوا بفضائلها فقويت صلتهم بربهم فألّف بين قلوبهم، ووحّد بين صفوفهم فسادوا وعزّوا، وكوَّنوا مجتمعا قويّاً متماسكا أعزَّ الإسلام والمسلمين وأذلَّ الشرك والمشركين ونَعِم الجميع في ظله بالأمن والاستقرار والسعادة، أما اليوم فقد جهل كثير من المسلمين التوحيد فاختلت عقائدهم فاتجهوا إلى المخلوقين يطلبون منهم قضاء حوائجهم، وغَلَوا في ذلك فشدُّوا الرحال إلى الأموات يطوفون بأضرحتهم كما يطوف الحجاج ببيت الله الحرام ويستلمون هذه الأضرحة استلامهم لأركان البيت الحرام ويخاطبون الميت بالكلمات الشركية من قولهم: "على الله وعليك". ويهتفون بأسمائهم عند الشدائد، وقد اتسع نطاق هذه الشركيات في البلاد الإسلامية فأصبح لكل قوم من المسلمين رجل ينادونه، وأصبح في كل قرية أموات يهتفون بأسمائهم، وينادونهم، ويرجونهم لجلب النفع ودفع الضر وفعل هؤلاء هو بعينه فعل المشركين في الأصنام، وهم بهذا المسلك ينسلخون من الإسلام ويعودون إلى الجاهلية. كذلك استهان كثير من المسلمين اليوم بهذه العبادات فتركوها فحرموا فضائلها فقست قلوبهم وانقطعت صلتهم بربهم ففسدت أعمالهم، وساءت معاملاتهم وعاداتهم وتدهورت أخلاقهم، وساروا وراء أهوائهم، وفتنوا بزخارف الحضارة المزيفة والمدنية الكاذبة فظنوا الإباحة حرية والخلاعة رقيّاً فتعدوا حدود العقل والدين، وأغضبوا خالق الأرض والسماء فساءت حالهم وسلط عليه عدوهم {وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}.
داء ودواء
لقد جهل كثير من المسلمين اليوم أمر التوحيد واستهانوا بالعبادات وهذا داء عضال سببه عزلة المسلمين عن الكتاب والسنة وعلاجه الوحيد هو إعداد الدعاة الفاهمين للكتاب والسنة وانتشارهم في البلاد الإسلامية لكي يصححوا العقائد ويحرروا العقول من الخرافات والبدع والأباطيل وليكشفوا للناس النقاب عن أسرار التشريع الإسلامي وخصائصه ومزاياه، ويحثوهم على التمسك بكتاب ربهم عز وجل وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ففي التمسك بهما الهداية والخير والسعادة وفي البعد عنهما الضلال والشر والشقاء ففي الحديث الشريف "تركت فيكم ما إن أخذتم بهما لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي".
والله الكريم نسأل أن يوفق المؤمنين المخلصين في كل مكان لإعداد هذا النوع من الدعاة فينطلقوا إلى مختلف بقاع الأرض فيعيدوا للإسلام مجده وللمسلمين عزتهم {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وهو حسبي ونعم الوكيل.
| |
|