مروان أبو حجر نائب المدير
عدد المساهمات : 55 نقاط : 13788 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 03/06/2012 العمر : 58
| موضوع: الاستعداد للرحيل الثلاثاء يونيو 12, 2012 7:13 pm | |
|
الاستعداد للرحيل
علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن نعمل للدنيا كما نعمل للآخرة، أن نبذل كل طاقاتنا من أجل حياة كريمة عزيزة ، وفي الوقت نفسه لا نتمسك بالدنيا ولا نحرص عليها، فرحلتنا فيها قصيرة، ونعيمها مؤقت، وشعور الإنسان العاقل المؤمن فيها مهما كثرت ملذاتها وشهواتها مثل شعور الغريب الذي يتطلع ويحلم بالعودة إلى أهله وعشيرته.
جاء في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل . وكان ابن عمر يقول في ضوء هذه الوصية النبوية الكريمة: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك. وجاء في رواية أخرى أن ما قاله ابن عمر هو من قول النبي صلى الله عليه وسلم.
والرسول صلى الله عليه وسلم يعلمنا من خلال هذا التوجيه الكريم وهذه النصيحة المخلصة أن التمسك بالدنيا والحرص عليها والتفاني في ملذاتها ونعيمها الزائل هو تمسك بسراب، فالإنسان مهما كثر ماله وعز سلطانه وملك كل نعيم الدنيا مصيره الفناء.. كذلك الدنيا بكل ما عليها ستدركها الشيخوخة والفناء كما صورها رب العزة بقوله: " اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلامتاع الغرور ."
وإذا كانت الدنيا التي نعيش فيها بهذه الصورة، فالإنسان العاقل لابد أن يدرك أنه كالغريب الذي لابد له أن يعود إلى وطنه مهما طال به المقام في مغتربه وكعابر السبيل الذي يقطع المسافة مرحلة مرحلة حتى يستقر في مستقره الأخير، وهو الدار الآخرة.. فحياة الإنسان فيض من نعمة الله، وهو مستردها إليه، إليه سبحانه المرجع والمصير قال تعالى: وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون .ومعنى الحيوان كما قال المفسرون : الحياة الحقيقية الأصيلة.
الاستعداد للرحيل
وغربتنا في الدنيا وعبورنا مراحلها يفرض علينا كما علمنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أن نكون دائما في وضع الاستعداد للرحيل. كل منا يحمل حقيبته في يده مترقبا لحظة الإقلاع من مغتربه متخففا من الأثقال التي ترهقه، مطمئنا على براءة ذمته من كل الالتزامات التي اقتضتها علاقته مع من كان يعايشهم، مجتهدا أن تكون له ذكرى طيبة في قلوبهم وعلى ألسنتهم، معتقدا أنهم جميعا سيتلاقون في الوطن الأم الذي اغتربنا عنه وارتبط قدرنا بالعودة إليه.
ولذلك ينبهنا رب العزة إلى ضرورة عدم اللهو عن مصيرنا المحتوم وعدم الافتتان بالدنيا، وأن نستعد دائما للسفر إلى مثوانا الأخير ومستقرنا الدائم فيقول: "يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون."
وعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الاستعداد الأمثل للرحيل من هذه الدنيا التي نعيش فيها غرباء. هو أن نحسن العمل من أجل حياة باقية. فالإنسان في الدنيا يأخذ فرصة طويلة للاستعداد وينبه إلى أنه لن يخلد في هذه الدنيا، وليس له حجة في التقصير والغفلة والإهمال واللهو. ولذلك رد القرآن على أهل النار الذين قالوا وهم يصرخون فيها: " ربناأخرجنا نعمل صالحاً غير الذي كنا نعمل” فقال لهم الحق : " أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير."
أي أعطيناكم فرصة طويلة للاستعداد وجاءكم من نبهكم إلى الرحيل، فأي حجة لكم في هذاالتقصير؟
ولذلك يوصينا رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه أن نذكر دائما الرحيل المفاجئ حتى نستعد له قبل أن نؤخذ على غرة فقال في رواية الترمذي إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، ولذلك يجب على كل إنسان عاقل أن يجمع في وقت القدرة والاستطاعة ما يحتاجه وقت الضعف والشدة، وأن يأخذ من صحته لمرضه، ومن غناه لفقره، ومن شبابه لهرمه، ومن فراغه لشغله، ومن حياته لموته،ولذلك وجهنا عليه الصلاة والسلام إلى أن نبادر بعمل الخير الذي يقربنا من الله وقال: بادروا بالأعمال سبعا، هل تنتظرون إلا فقرا منسيا أو غنى مطغيا أو مرضا مفسدا أوهرما مفندا أو موتا مجهزا أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة فالساعة أدهى وأمر.
قبل فوات الأوان
ومن أجل الاستعداد الصحيح للرحيل من هذه الدنيا علمنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أن نتقرب إلى خالقنا بعمل الخير ونحن في كامل الصحة والعافية لأن الحرص على الخير والإنسان في هذه الحالة دليل على قوة الإيمان وصدق اليقين والقناعة التامة بأن الدنيا دار اختبار وعمل للدار الباقية. سئل عليه الصلاة والسلام: أي الصدقة أعظم؟ فقال: أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا أو كان لفلان كذاوقد كان لفلان .
ولذلك قال العلماء الواصلون: إن وضع الاستعداد للرحيل يقتضينا أن نكون إما فاعلين للخير متلبسين به، وإما عازمين عليه مفكرين فيه، حتى تكون الخاتمة حسنة نلقى الله بها على خير، فالإنسان يموت على ما عاش عليه، ويبعث على ما مات عليه.
لقد علمنا رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه أن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، وأن ما مضى من العمر لن يعود، وأن محاولة إصلاح الخطأ ممكنة مادام في الوقت متسع وذلك انطلاقا من الفهم الصحيح لقول الحق سبحانه:" إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً."
فكل إنسان يريد أن يهيئ لنفسه مكانا طيبا في دار البقاء عليه أن يضع باسمه في خزائن الله أكبر ما يستطيع من رصيد الطاعات حتى يجده يوم القيامة موفورا مضاعفا يقول الحق سبحانه:" ما عندكم ينفد وما عند الله باق " ويقول عز وجل: " والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخيرأملاً ."
ندعو الله عز وجل أن يكرمنا في غربتنا فى هذه الدنيا ، وأن يعد لنا نزلا عنده فى دار الخلود ،يليق برحمته وفضله ، فرحمته بكل مخلوقاته واسعة وفضله وافر عظيم
| |
|
Admin Admin
عدد المساهمات : 190 نقاط : 14193 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/05/2012 العمر : 42
| موضوع: رد: الاستعداد للرحيل الأربعاء يونيو 13, 2012 6:40 pm | |
| | |
|